شرح الدرر اللوامع في قراءة الإمام نافع الشيخ محمد برعيش الصفريوي

قوله: (إذ كان) إذ تعليلية فكأنه سئل لماذا اخترت قراءة نافع دون غيره من القراء؟ 

فقال: لأنه كان (مقرأ إمام الحرم) والمراد بإمام الحرم هنا قيل: مالك بن أنس، لأنه أخذ عن نافع قراءته وقيل بل المراد بإمام الحرم نافع نفسه، وهو الذي صححه ابن غازي المكناسي رحمه الله.
وعلى هذا يكون التقدير إذ كانت قراءته وإمامته بحرم المدينة فاخترتها لذلك.
وقوله: (الحرم) أي حرم المدينة إذ بها كان نافع، وكان ابن كثير رحمه الله بحرم مكة فلذلك قيل لهما الحرميان.
قوله: (الثبت فيما قد روى) أي الثابت المتثبت فيما قد رواه ونقله وحمله عن شيوخه.
ومن شدة تحريه رحمه الله في باب القراءة ما رواه أبو مصعب الزهري عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال: كنا نقرأ على أبي جعفر القارئ وكان نافع يأتيه فيقول يا أبا جعفر ممن أخذت حرف كذا وكذا فيقول من رجل قارئ من مروان بن الحكم؛ ثم يقول له ممن أخذت حرف كذا وكذا فيقول من رجل قارئ من الحجاج بن يوسف؛ فلما رأى ذلك نافع تتبع القراءة يطلبها.
وقال إسحاق المسيبي: قال نافع: قرأت على هؤلاء فنظرت إلى ما اجتمع عليه اثنان منهم فأخذته وما شذ فيه واحد تركته حتى ألفت هذه القراءة .
قوله: (المقدم) أي المقدم على غيره في عصره وزمانه.
وللــذي ورد فيـه أنـــه دون المقــارئ ســواه سنــة
فجئــت منه بالذي يطرد ثـم فرشــت بعـد مـا ينفـــرد
قوله: (وللذي ورد فيه) أي: وللذي جاء في هذا المقرأ؛ ولام الذي للتعليل، والكلام معطوف على إذ، والمعنى اخترت هذا المقرأ لأنه مقرأ إمام الحرم، ولأجل ما ورد فيه من قول أنه سنة.
وهو بهذا يشير إلى ما رواه سعيد بن منصورأن مالكا كان يقول: قراءة نافع سنة قال مكي بن أبي طالب: يعني سنة أهل المدينة، وإلا فكل قراءة سنة من السنن التي لا دفع فيها لأحد.
قوله: (دون المقارئ سواه) أي قيل في مقرأ نافع أنه سنة ولم يقل هذا في غيره وقوله: (دون المقارئ سواه) راجع إلى الورود أي ورد فيه دون غيره.. ولا يتوهم أنه سنة دون ما سواه ففي البيت تقديم وتأخير، والتقدير وللذي ورد فيه دون المقارئ سواه أنه سنة، ولا يلزم من هذا أن يكون غيره ليس بسنة، بل كل قراءة سنة.
وقوله: (سنة) أي سنة أهل المدينة؛ بمعنى هي الغالب عند أهل المدينة والضمائر الثلاثة في قوله: (فيه وأنه وسواه) عائدة على مقرأ نافع.
قوله: (فجئت منه بالذي يطرد) أي: أتيت منه أي من هذا المقرأ بما يطرد أي بالذي يتفق حكمه ويجري على طريق واحد في القراءة وهو المسمى بالأصول كالمد والقصر والإظهار والإدغام والفتح والإمالة وغير ذلك.
قوله: (ثم فرشت بعد ما ينفرد) الفرش هو البسط والمعنى أي بسطت وفرقت وبينت. قوله: (بعد) أي بعد ذكر ما يطرد أفرش ما ينفرد به كل واحد من راويي نافع.
والفرش هو الكلمات المفردة المتفرقة المختلف في قرائتها بين القراء والرواة.
إلى هنا انتهت حلقة هذا العدد والله تعالى أعلى وأعلم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *