شرح الدرر اللوامع في قراءة الإمام نافع الشيخ محمد برعيش الصفريوي

نص

في رجــز مقــرب مشطـور *** لأنــه أحظـــى مــن المنثـــور
يكــون للمبتـدئين تبصـــرة *** وللشيـــوخ المقرئين تذكــــــرة
شرح
قوله: (في رجز) متعلق بجئت والرجز من بحور الشعر وهو مسدس الدائرة؛ ويتركب من مستفعلن ست مرات وقد ضمن الناظم نظمه أبياتا من السريع؛ وقد جرت عادة الشعراء المزاوجة بين السريع الرجز وإطلاقه الرجز على الجميع من باب التغليب.
قوله: (مقرب) أي مقرب للحفظ والفهم.
قوله: (مشطور) أي كل بيت منه على شطرين أي نصفين.
قوله: (لأنه أحظى من المنثور) أي لأن الرجز أفضل وأحسن من النثر؛ فالرجز أسهل للحفظ وأخف على النفس وأثبت في العقل، ومن ثم قيل إن المنثور يذهب ولا يبقى إلا عشره وأن المنظوم يبقى كله ولا يذهب منه إلا عشره.
قوله: (يكون للمبتدئين تبصرة)، أي أن هذا النظم يكون للمبتدئين وهم الذين يبتدئون القراءة تبصرة أي ضوء يبصرون به أحكام القراءة.
قوله: (وللشيوخ المقرئين تذكرة) أي ويكون هذا الرجز أيضا للشيوخ الذين يقرؤون غيرهم تذكرة يذكرهم ما قد نسوه من أحكام القراءة لأن الإنسان محل النسيان، وقد قال مالك: (من شأن العالم أن يعلم ما لم يعلم؛ وأن ينسى بعض ما علم؛ وأن لا يعلم كل شيء) .
والشيوخ جمع شيخ والشيخ هنا بمعنى الأستاذ العالم بالقراءة، سواء كان شابا أو كهلا أو شيخا.

نص:
سميته بالدرر اللوامــع *** في أصـل مقـرأ الإمـام نافــع
نظمتــه محتسبـــا للــه *** غيــــر مفاخـــر ولا مبـــــاه

شرح:
قوله: (سميته بالدرر اللوامع) أي سميت هذا الرجز باسم الدرر اللوامع؛ والدرر جمع درة والدرة هي اللؤلؤة والياقوتة؛ ومعنى اللوامع: أي المضيئات السواطع؛ وإنما سماه بالدرر تشبيها لأن الدرة يهتدي بها في ظلمات الليل وهذا الرجز يهتدي به في علم القراءات.
قوله: (في أصل مقرأ الإمام نافع) أي في أصل قراءة نافع والأصل هنا بمعنى الدليل؛ والمعنى وضعت هذا النظم في أدلة قراءة الإمام نافع.
قوله: (نظمته محتسبا لله) أي نظمت هذا النظم وألفته وجمعته أحتسب الأجر فيه لله ولا أريد به سمعة ولا شرفا ولا رفعة ولا علو منزلة عند الناس؛ وهذا من أهم ما ينبغي لطالب القرآن ومعلمه أن يحرص عليه؛ ألا وهو: إصلاح النية في طلبه وفي تعلمه.
ومن أمارة إخلاص الناظم لله تعالى في نظمه هذا تلقي الناس له بالقبول واشتهاره وبقاؤه إلى زماننا هذا.
قوله: (غير مفاخر ولا مباه) أي نظمت هذا النظم حالة كوني غير طالب للمفاخرة ولا المباهاة.
والفخر هو المباهاة بالمحاسن والمباهاة هي الحسن في أعين الناس وكل ذلك مدعاة إلى الكبر.
وصدق الإمام الخاقاني إذ قال:
أقول مقالاً معجباً لأولي الحجر *** ولا فخر إن الفخر يدعو إلى الكِبرِ

نص:
على الذي روى أبو سعيـد *** عثمان ورش علم التجويد
رئيس أهل مصر في الـدراية *** والضبط والإتقان والروايـة

شرح:
لما ذكر المصنف رحمه الله أن هذا النظم على حرف نافع أراد أن يبين على أي رواية وعلى أي طريق من طرق نافع إذ رواة نافع وطرقه متعددة أشهرها: رواية ورش، ورواية قالون، ورواية إسماعيل بن جعفر، ورواية إسحاق بن المسيب.
وقد جمعهم أبو عمرو الداني في المنبهة قائلا:
ممن رووا عن نافع إسحاق *** ومثــــله ثلاثـــة حـــذاق
ورش وقالون وإسمـاعيـــل  *** وكلهــم مؤتمـــن جليـــل
ولكل واحد من هؤلاء الأربعة رواة وطرق.
فلورش ثلاثة رواة وهم: أبو يعقوب يوسف بن يسار الأزرق وعبد الصمد العتقي والأصبهاني.
ولقالون ثلاثة أيضا وهم: أبو نشيط وأحمد بن يحيى الحلواني وإسماعيل القاضي.
ولإسحاق بن المسيب راويان وهما: ابنه محمد بن إسحاق وابن سعدان النحوي.
ولإسماعيل بن جعفر راويان وهما: أحمد بن فرح المفسر وأبو الزعراء عبد الرحمن بن عبدوس.
فيكون مجموع طرق نافع عشرة طرق وهي مضمن كتاب التعريف في اختلاف الرواة عن نافع للإمام الداني .
وقد نظم هذه الطرق العشرة غير واحد من المغاربة فممن نظمها: ابن غازي المكناسي في رجز سماه: تفصيل عقد درر ابن بري في نشر طرق نافع العشر، كما نظمها أيضا الوهراني في تقريب المنافع في الطرق العشر لنافع.
إلى هنا انتهت حلقة هذا العدد والله تعالى أعلى وأعلم وأحكم.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *