الملك المليك المالك جل في علاه الحلقة العاشرة

من أسماء الله تعالى الملك والمليك والمالك، وبكل ورد القرآن، قال جل وعلا: “الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمـنِ الرَّحِيمِ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ”، وفي قراءة: “مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ” ، وقال عز من قال: “مَلِكِ النَّاسِ”، وقال جل شأنه: “فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ”، وقال تعالى: “فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ”..

في اشتقاقها:
وهذه الأسماء الثلاثة كلها مشتقة:
فاسم الملك والمليك مشتقان من صفة المُلك واسم المالك مشتق من المِلك.
قال إمام المفسرين ابن جرير الطبري رحمه الله تعالى: “ولا خلاف بين جميع أهل المعرفة بلغات العرب أن المَلِك من “المُلك” مشتق، وأن المالك من ” المِلك” مأخوذ” .
قال صاحب “مختار الصحاح”: “كأن المَلْك -بسكون اللام- مخفف من ملِك، والملِك مقصور من مالك أو مليك”.
قال الزجاج: “إن أصل المَلْك في الكلام: الربط والشد، يقال: مٓلكت العجين أملكه مٓلْكا إذا شددت عجنه، وإملاك المرأة من هذا إنما هو ربطها بالزواج” .
من أقوال العلماء في تفسيرها:
– قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله: “الملك المالك الذي له الملك” فهو الموصوف بصفة الملك، وهي صفات العظمة والكبرياء والقهر والتدبير، الذي له التصرف المطلق في الخلق والأمر والجزاء، وله جميع العالم العلوي والسفلي، كلهم عبيد ومماليك ومضطرون إليه” .
وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله عند تفسيره لقوله تعالى: “هو الله الذي لا إله إلا هو الملك..” أي المالك لجميع الأشياء، المتصرف فيها بلا ممانعة ولا مدافعة”.
وقال العلامة القشيري -م 465-: “المالك من له الملك، وملك الحق سبحانه وتعالى قدرته على الإبداع، فالمَلك مبالغة من المالك، وهو سبحانه الملك المالك..، وكما لا إله إلا هو فلا قادر على الإبداع إلا هو، فهو بإلهيته متوحد، وبملكه متفرد” .
وقال الإمام ناصر الدين البيضاوي-م 685-: “المالك هو المتصرف في الأعيان المملوكة كيف يشاء.. والملك هو المتصرف بالأمر والنهي في المأمورين” .
وقال الإمام الطبري: “الملك الذي لا ملك فوقه ولا شيء دونه”. وقال في موضع آخر: “الذي له ملك الدنيا والآخرة وسلطانهما، النافذ أمره في السماوات والأرض وما فيهما”.
وقال شيخ الإسلام ابن القيم: “الفرق بين الملك والمالك، أن المالك هو المتصرف بفعله والملك المتصرف بفعله وأمره، والرب تعالى مالك الملك فهو المتصرف بفعله وأمره” .
وقال الإمام الغزالي رحمه الله: “الملك هو الذي يستغني في ذاته وصفاته عن كل موجود، بل لا يستغني عنه شيء في شيء، لا في ذاته ولا في صفاته ولا في وجوده ولا في بقائه، بل كل شيء فوجوده منه أو مما هو منه، وكل شيء سواه فهو له مملوك في ذاته وصفاته، وهو مستغن عن كل شيء، فهذا هو الملك المطلق” .
ومن خلال هذه التعاريف يستفاد أن من معاني اسم الملك والمليك والمالك:
* تمام التصرف في الكون أمرا ونهيا، إيجادا وإعداما.
* الاستغناء التام عن الخلق واضطرار وافتقار الخلق إليه، فالله جل جلاله مستغن في ذاته وفي صفاته عن كل موجود وكل موجود مفتقر إليه.
* الاتصاف بصفات الجلال ونعوت الكمال.
يقول الشيخ السعدي رحمه الله تعالى: “..وله من معنى الملك ما يستحقه من الأسماء الحسنى كالعزيز والجبار والمتكبر الحكم العدل الخافض الرافع المعز المذل العظيم الجليل الكبير الحسيب المجيد الولي المتعالي مالك الملك إلى غير ذلك من الأسماء العائدة إلى الملك” .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *