أويسِ بنِ عامر القرني البارُّ بأمه

نسوق إليكم معشر القراء الكرام في هذه الأسطر اليسيرة نبذة مختصرة عن عَلَم من أعلام أمتنا، تابعي جليل حاز مرتبة عليا بنزول الوحي في شأنه، إنه أويسِ بنِ عامر القرني، وهو تابعي من أهل اليمن، جاء إلى المدينةِ في عهد عمرَ بنِ الخطاب، وكان قد أسلم في عهدِ رسول صلى الله عليه وسلم، ولكنه لم يتمكن من القدوم إلى المدينة في عهد رسول صلى الله عليه وسلم مع قومه لأنه كان مشغولا بخدمة أمه، ولذا لم يحظ بلقب الصحبة، غير أن هذا التابعيَ الكريم كان الرسول صلى الله عليه وسلم يحدثُ عنه أصحابَه ويحدثُهم بما له من منزلةٍ عند الله تعالى، وأنه مستجاب الدعاء ببرّ أمه ولنتعرفْ على قصته كما رواها الإمامُ مسلم في صحيحه.

قال الإمام مسلمٌ: كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِذَا أَتَى عَلَيْهِ أَمْدَادُ أَهْلِ الْيَمَنِ، أي جماعة الغزاة الذين يمدون جيوش الإسلام في الغزو يسمون أمداد وواحدهم مدد؛ سَأَلَهُمْ:أَفِيكُمْ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ؟ حَتَّى أَتَى عَلَى أُوَيْسٍ فَقَالَ: أَنْتَ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ قَالَ نَعَمْ.
قَالَ، أي عمر: مِنْ مُرَادٍ ثُمَّ مِنْ قَرَنٍ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: فَكَانَ بِكَ بَرَصٌ فَبَرَأْتَ مِنْهُ إِلَّا مَوْضِعَ دِرْهَمٍ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ لَكَ وَالِدَةٌ؟ قَال:َ نَعَمْ.
قَالَ عمر بن الخطاب: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: “يَأْتِي عَلَيْكُمْ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ مَعَ أَمْدَادِ أَهْلِ الْيَمَنِ مِنْ مُرَادٍ ثُمَّ مِنْ قَرَنٍ، كَانَ بِهِ بَرَصٌ فَبَرَأَ مِنْهُ إِلَّا مَوْضِعَ دِرْهَمٍ، لَهُ وَالِدَةٌ هُوَ بِهَا بَرٌّ، لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ فَإِنْ اسْتَطَعْتَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَكَ فَافْعَلْ، فَاسْتَغْفِرْ لِي، فَاسْتَغْفَرَ لَهُ.
فَقَالَ لَهُ عُمَرُ أَيْنَ تُرِيدُ؟ قَالَ: الْكُوفَةَ.
قَالَ: أَلَا أَكْتُبُ لَكَ إِلَى عَامِلِهَا؟
قَالَ: أَكُونُ فِي غَبْرَاءِ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيَّ، أي ضعافهم وأخلاطهم الذين لا يؤبه لهم.
هذا التابعي الجليل هو خير التابعين، حدَّث عن فضله رسولُ صلى الله عليه وسلم أصحابَه، وقال لعمر إن استطعت أن يستغفر لك فافعل بمَ نال أويس هذه الدرجة، حتى إن الصحابة الكرام، ليطلبون منه أن يدعو لهم؟ كان له والدةُ، وكان به بياض أي برص، فجعله الله ببره لأمه مستجاب الدعاء، فدعا الله وقال: “دع في جسدي منه ما أذكر به نعمَك علي فترك له ما يذكر به نعمه عليه”.
إنه برّ الوالدة والصدق في البرّ سببٌ لرضوان الله تعالى، فيا تعس من أدرك والديه ولم يغفر له، ويا طول شقاء من جعل والديه سببا إلى النار بإغضابه لهما وعقوقه بهما.
نسأل الله تعالى أن يستعملنا في طاعته وأن يقسم لنا من طاعته ما ينولنا به جنته.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *