تنبيه
وقع في أبيات شيخنا محمد الإبراهيمي في العدد السابق (وسار ذا حجة كل مقري) وهو تصحيف والصواب (وصار ذا حجة كل مقري).
نص:
القول في التحقيق والتسهيـل للهمز والإسقاط والتبديـــل
شرح:
هذا الباب معقود لأحكام الهمز والهمز في القرآن على أوجه: همز مزدوج وهمز مفرد، والهمز المزدوج على وجهين: مزدوج من كلمة ومزدوج من كلمتين.
وقد تعرض لها الناظم كلها مقدما للهمز المزدوج من كلمة ثم من كلمتين ثم أفرد الهمز المفرد في باب مستقل سماه بالإبدال.
قوله: ( القول في التحقيق والتسهيل ) أي: هذا القول وهذا الكلام في تحقيق الهمز
والتحقيق هو الإتيان بالشيء محققا أي مبينا
قوله: (والتسهيل) أي: وهذا القول في تسهيل الهمز وبيان متى يسهل ومن يسهل ومن لا يسهل.
والتسهيل لغة هو: التليين، واصطلاح: تخفيف الهمز وتليينه بنوع من أنواع التخفيف.
1هذا عند الإطلاق وأما عند ذكره مقرونا بالتحقيق والإبدال والحذف فإن المراد به التسهيل بين بين .
والأصل في الهمز هو التحقيق لأنه لا يفتقر إلى سبب والتسهيل فرع لتوقفه على سبب.
2وتسهيل الهمز لغة أهل الحجاز .
والتسهيل أربعة أنواع ومراتبه أربعة.
قوله: (للهمز) الهمز لغة: هو الدفع بسرعة يقال: همزت الفرس إذا دفعته.
قوله: (والإسقاط) أي: وهذا القول في إسقاط الهمز والأسقاط هو الحذف.
فكأنه يقول: وأبين لك ما يحذف من الهمزة وما لا يحذف، ومن يحذف ومن لا يحذف.
وحذف الهمزة قسمان: حذف نقل وحذف إسقاط.
فحذف النقل إسقاط الهمز قراءة لا رسما، وذلك بنقل حركتها إلى الساكن قبلها وبقائها رسمها نحو: (من ـ امن) لورش.
وحذف الإسقاط إسقاط الهمز قراءة ورسما نحو: (جا أمرنا) لقالون.
قوله: (والتبديل) أي: وهذا القول في إبدال الهمز وذكر ما يبدل منه وما لا يبدل ومن يبدل ومن لا يبدل.
والإبدال قسمان:
إبدال الهمز حرفا متحركا نحو: (من السماء .اية) لقالون وورش.
وإبدال الهمز حرف مد وسيأتي بيان ذلك.
نص:
والهمز في النطق به تكلــف فسهلــوه تـــــارة وحذفـــوا
شرح:
في هذا البيت بيان فائدة تسهيل الهمز وهي تخفيف اللفظ عند النطق به.
قوله: (والهمز في النطق به تكلف) أي: والهمز حال التلفظ به في القراءة كلفة ومشقة؛ إذ هو حرف صعب في اللفظ؛ وذلك لبعد مخرجه وشدة أوصافه؛ ولهذا اتسعت العرب فيه بالتسهيل.
قوله: (فسهلوه تارة) أي: لما كان في الهمز كلفة ومشقة سهلته العرب والقراء تارة أي مرة.
قوله: (وحذفوا) أي: وحذفوه تارة والمعنى مرة سهلوه بين بين، ومرة حذفوه جملة كل ذلك بحسبه.
واختص الهمز من بين سائر الحروف بالتسهيل لثلاثة أمور:
3الأول: لثقله ببعد مخرجه .
4والثاني: لكثرته في الكلام، والشيء إذا كثر استعماله كان بالتخفيف أولى من غيره .
5والثالث: أن تخفيفه لا يخلّ باللفظ وذلك لأنه يكون في غالب الأمر بإقامة ما يدل عليه من حرف مدّ أو نقل حركة .
نص:
وأبدلوه حـــرف مد محضــا ونقلوه للسكـــون رفضـــا
شرح:
قوله: (وأبدلوه حرف مد محضا) أي: وأبدلت العرب والقراء الهمز في بعض الأحوال حرف مد خالص من جنس ما قبله وجوبا في نحو: (ءامن) (أوتي) (إيمانا) فإن أصل حرف المد هنا همز.
وجوازا في نحو: (النساء الا) و(أولياء اولئك) على رواية البدل.
و(يا صالح ايتنا) (ثم ايتوا صفا) (الذي اوتمن) بإبدال الياء في الأول واوا وفي الثاني ألفا وفي الثالث ياء.
قوله: ( ونقلوه للسكون ) أي: ونقل القراء الهمز إلى الحرف الساكن قبله تارة نحو: ( رِداً ) و( ءالان ) و ( عادا الاولى ) لقالون وورش و( من ـ امن ) لورش
وفي كلام الناظم تجوز إذ إن المنقول إنما هو حركة الهمز لا الهمز
قوله: (رفضا) أي: لأجل رفضه بمعنى تركا له والرفض هنا ما يقابل التحقيق أي غير محقيقين له وإلا فكلام الله لا يرفض منه شيء.
فهذه هي أنواع التسهيل وهي أربعة كما ذكر وهي تتفاوت في المرتبة.
فأقواها: التسهيل بين بين، لأن فيه النطق ببعض الهمزة والنطق ببعضها ككلها.
ثم التسهيل بالبدل لأن البدل يقوم مقام المبدل منه.
ثم التسهيل بالنقل لبقاء حركة الهمزة.
6ثم التسهيل بالحذف وهو أضعفها لذهاب الهمزة مع حركتها.
إلى هنا انتهت حلقة هذا العدد والله تعالى أعلى وأعلم.
—————-
1- وقد يجيء مقيدا بغيره؛ فيقال التسهيل بالبدل والتسهيل بالنقل والتسهيل بالحذف.
2- الكشف لمكي: 1/81.
3- الكشف لمكي 1/72 والهداية 1/41.
4- الهداية 2/251.
5- الكشف: 1/89.
6- تحصيل المنافع
جزاكم الله خيرا