كلام ينبغي أن يكتب بماء الذهب

قال ابن كثير: في البداية والنهاية: في “ذكر أمره صلى الله عليه وسلم أبا بكر الصدِّيق رضي الله عنه أن يصلي بالصحابة أجمعين مع حضورهم كلّهم وخروجه صلى الله عليه وسلم فصلى وراءه مقتدياً به في بعض الصلوات على.. والمقصود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدّم أبا بكر الصّدِّيق إماماً للصحابة كلّهم في الصلاة التي هي أكبر أركان الإسلام العملية. قال الشيخ أَبو الحسن الأشعري: وتقديمه له أمر معلوم بالضرورة من دين الإسلام. قال: وتقديمه له دليل على أنه أعلم الصحابة وأقرؤهم ؛ لما ثبت في الخبر المتفق على صحته بين العلماء. أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنّة، فإن كانوا في السنّة سواء فأكبرهم سنّاً، فإن كانوا في السن سواء فأقدمهم إسلاماً} قلت: وهذا من كلام الأشعري: مما ينبغي أن يكتب بماء الذهب”.

*******
وقال أيضاً عند ترجمته للإمام البخاري: “وما أحسن ما قال بعض الفصحاء من الشعراء:
صَحِيحُ البُخَارِيّ لَوْ أَنْصَفُوهُ *** لَمَا خُطَّ إلاَّ بِمَاءِ الذَّهَبْ
هُوَ الفَرْقُ بَيْنَ الهُدَى والعَمَى *** هُوَ السَّدُّ بَيْنَ الغَنَى وَالعَطَبْ
أَسَانِيدُ مِثْلُ نُجُومِ السَّمَاءِ *** أَمَامَ مُتُونٍ لَهَا كَالشُّهُبْ
بِهِ قَامَ مِيزَانُ دِينِ الرَّسُولِ *** وَدَانَ بِهِ العُجْمُ بَعْدَ العَرَبْ..
وقال أيضاً في ترجمة أبي نواس الشاعر: وقال ابن دريد: قال أبو حاتم: لو أن العامة بدلت هذين البيتين كتبتهما بماء الذهب:
وَلَوْ أنِّي اسْتَزَدْتُكَ فَوْقَ مَا *** بِي مِنَ البَلْوَى لَأَعوَزَكَ المَزِيدُ
وَلَوْ عُرِضَتْ عَلَى المَوْتَى حَيَاتِي *** بِعَيْشٍ مِثْلِ عَيْشِي لَمْ يُرِيدُوا
(الوافر)
*******
قال صديق حسن خان القنوجي في أبجد العلوم عند حديثه عن مصنفات ابن حجر العسقلاني: “منها: بلوغ المرام من أدلة الأحكام، وهو كتاب لو خُطَّ بماء الذهب، وبيع بالأرواح والمهج، لما أدى حقه”.
*******

ومن الطرائف في الكتابة بماء الذهب ما ذكره أبن عساكر في تاريخ دمشق قال: “أخبرنا أبو سعد محمد بن محمد بن المُطرّز، وأبو الفضل جعفر بن عبد الواحد بن محمد الثقفي، وأبو الفرج سعيد بن أبي الرَجاء الصّيرَفي، -إجازة- قالوا: أنا أبو الفتح منصور بن الحسين بن علي، وأبو طاهر بن محمود، قالا: أنا أبو بكر ابن المقرئ قال: سمعت موسى بن الحسين يقول: سمعت أحمد بن مهدي يقول: أردت أن أكتب كتاب الأموال لأبي عُبَيْد، فخرجت لأشتري ماء الذهب، فلقيت أبا عُبَيْد فقلت: يا أبا عُبَيْد -رحمك الله-أريد أن أكتب كتاب الأموال بماء الذهب فقال: اكتب بالحبر فإنه أبقى”.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *