الموسيقى في المسجد مسؤولية من؟!

في ظل التقدم التقني للاتصالات أضحى الهاتف النقال ملازما دائماً للمرء، لا ينفك عنه سواء في عمله أو بيته، وحتى في دور العبادة والطاعة والعلم والتعليم، بيد أن بعض الناس لا يحسنون التعامل مع هذه التقنية، وتطويعها في الاستخدام الأمثل في النفع الديني والدنيوي، فشابها بذلك بعض الأخطاء والتصرفات المشينة من وضع رنات موسيقية ومشاهد وصور خليعة.. وهلم جراً.
غير أن الأدهى والأمر هو ترك الهواتف مفتوحة داخل دور العبادة وأثناء الصلوات الخمس والجمعة، وعند الدروس والمحاضرات المقامة في المسجد، فهذه تصرفات تتنافي مع ما ينبغي أن يكون عليه المرء المسلم في دور العبادة، وأثناء مزاولة العبادة من الخشوع والسكون والطمأنينة، فالمسلم مطلوب منه أن يعظم الصلاة، وأن يقدرها حق قدرها، ومن ذلك تنزيه الصلاة والمساجد من هذه الآفة الغريبة التي تنافي جلالة الموقف، وعظمة المكان، وتذهب خشوع المصلين قال تعالى: “ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ” (الحج:32)، وقال تعالى: “فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ، رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ” (النور: 37،36).
إن المساجد قد نُهي أن يباع فيها ويشترى، وأن تُنشد فيها الضالة، لأن المساجد لم تبن للدنيا بل بنيت لله وتوحيده وإخلاص العبادة له سبحانه وتعالى، إنها أماكن الذكر والعبادة والتسبيح والتهليل، ومتعبد عباد الله المؤمنين بالاعتكاف والدعاء وغير ذلك من أنواع العبادات والطاعات، فمحالٌ أن يخالط ذلك شيءٌ من الدنيا وزينتها، ولو كان ذلك بحثاً عن ضالة مفقودة فكيف بإسماع المصلين وهم في حلة الخشوع نغمات الهاتف، وكيف بإدخال الموسيقى والصور إلى المساجد.
فعلى المسلم المرتاد لبيت الله تعالى أن يحترم قدسية أماكن العبادة، ومراعاة شعور إخوانه المسلمين الذين يتأذون منها خاصة أثناء ممارسة عبادتهم، وإن لم يكن كذلك فلا أقل من إغلاقه وقت الصلاة حتى لا تجمع مع سيئة نغمة الهاتف سيئةً أخرى وهي الإيذاء للمصلين، و”المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده”، كما أخبر بذلك الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم.
فلابد لمرتادي المسجد من إغلاق الهاتف أو وضعه في وضع صامت عند دخول المسجد وذلك لئلا يشوشَ على المصلين، ويقطعَ عليهم خشوعهم وإقبالهم على صلاتهم، وإذا حصل أنْ نسي المصلي ولم يغلقْه أو يضعه في وضع صامت فليبادر إلى إغلاقه وإسكاته إذا اتصل أحد، لأن بعض الناس يدعه يرن وربما كان بنغمات موسيقية، فلا يُغْلِقُهُ ولا يسكته؛ خوفاً من حدوث الحركة في الصلاة، والذي ينبغي لهذا أن يعلم أن تلك الحركة لمصلحة الصلاة، بل لمصلحة المصلين عموماً، كما أن من المـُتحتـِّم على الجميع الاحتساب على هؤلاء، ونهيهم عن هذا المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة، وتذكيرهم باحترام دور العبادة والعلم وكذا المصحات والمستشفيات، فلا أقل من تغيير هته النغمات المخلة برنات تشتمل على أصوات طبيعية، وعلى أئمة المساجد أن يتعاهدوا الجماعة كلما سمعوا أو رأوا ذلك بالكلمة والموعظة، وإعداد خطبة تتحدث عن الموضوع وتعالجه، كما أن الإمام لا بأس أن ينبه المصلين قبل إحرامه بالصلاة بإغلاق الهاتف، لأن وجود النغمات الموسيقية يذهب الخشوع في الصلاة، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *