التمسك بالسنة نجاة وعصمة

إن الخير كله في اتباع هدى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم واقتفاء آثاره في أقواله وأفعاله وأعماله.

فعليك أيها المسلم أن تتمسك بالسنة فإنها نجاة وعصمة، واحذر أن تقدم على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم كلام أحد من الناس كائناً من كان، قال ابن مسعود رضي الله عنه: “نحن قوم نتبع ولانبتدع ونقتدي ولانبتدي ولن نضل ما إن تمسكنا بالأثر”.
وقال الأوزاعي رحمه الله: “عليك بآثار من سلف وإن رفضك الناس، وإياك وآراء الرجال وإن زخرفوا لك القول”.
فالمتمسك بسنة النبي صلى الله عليه وسلم ينتفع الناس بعلمه وعمله في حياته وبعد موته، وصاحب الهوى المناوئ للسنة مقطوع العمل ليس لعمله ولا لعمله دوام ولا بركة، وهذا مصداق لقول الله تعالى: “إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ” (الكوثر)3، شانئك: مبغضك، الأبتر : المقطوع.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: “وكل من شنأ شيئاً مما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم كان له نصيبٌ من هذه الآية، حتى قيل لأبي بكر بن عياش: إن هاهنا في المسجد أقواما يجلسون للناس، فقال: من جلس للناس جلس الناس إليه، ولكن أهل السنة يموتون ويبقى ذكرهم، وأهل البدعة يموتون ويموت ذكرهم”.
فتأمل هذا الكلام الذي يكسوه نور النبوة، واعلم أن اتباع السنة منجاة غدا بين يدي الله تعالى وسبب لورود حوض النبي صلى الله عليه وسلم وحصول الشفاعة بعد رحمة الله تعالى وإذنه.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى: “وتأمل قوله تعالى لنبيه: “وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ” (الأنفال33) كيف يـُفهم منه أنه إذا كان وجود بدنه وذاته فيهم دفع عنهم العذاب وهم أعداؤه، فكيف وجود سره والإيمان به ومحبته، ووجود ما جاء به إذا كان في قوم أو كان في شخص؟ أفليس دفعه العذاب عنهم بطريق الأولى والأحرى؟”.
لقد بين لنا النبي صلى الله عليه وسلم بيَّن لنا الهدى وحثَّنا عليه، وبيَّن لنا الضلال وحذَّرنا منه، ولم يبق لأحد عذر في الطمع في غير هذه الشريعة الكاملة، فعن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “ليس من عمل يقرِّب إلى الجنة إلا قد أمرتكم به، ولا عمل يقرِّب إلى النار إلا قد نهيتكم عنه، لا يستبطئنّ أحد منكم رزقه، إن جبريل عليه السلام ألقى في روعي أن أحدا منكم لن يخرج من الدنيا حتى يستكمل رزقه، فاتقوا الله أيها الناس! وأجملوا في الطلب، فإن استبطأ أحد منكم رزقه فلا يطلبه بمعصية، فإن الله لا يُنال فضله بمعصية” رواه الحاكم وغيره وهو صحيح.
قال ابن القيم رحمه الله موضحا بجلاء معنى الرضى بالنبي صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا: “وأما الرضى بنبيّه رسولاً: فيتضمن كمال الانقياد له والتسليم المطلق إليه، بحيث يكون أولى به من نفسه، فلا يتلقى الهدى إلا من مواقع كلماته، ولا يحاكم إلا إليه، ولا يحكم عليه غيره، ولا يرضى بحكم غيره ألبتة، لا في شيء من أسماء الرب وصفاته وأفعاله، ولا في شيء من أذواق حقائق الإيمان ومقاماته، ولا في شيء من أحكام ظاهره وباطنه، لا يرضى في ذلك بحكم غيره، ولا يرضى إلا بحكمه، فإن عجز عنه كان تحكيمه غيره من باب غذاء المضطر إذا لم يجد ما يقيته إلا من الميتة والدم، وأحسن أحواله أن يكون من باب التراب الذي إنما يُتيمَّم به عند العجز عن استعمال الماء الطهور.
وأما الرضى بدينه: فإذا قال أوحكم أو أمر أو نهى، رضي كل الرضى، ولم يبق في قلبه حرج من حكمه، وسلَّم له تسليما، ولو كان مخالفا لمراد نفسه أو هواها، أو قول مقلَّده وشيخه وطائفته” (مدارج السالكين).
فنسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يوفقنا جميعا لاتباع سنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم قولاً وعملاً ودعوة، وأن يرزقنا شفاعته وورود حوضه.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *