الحلقات المضيئات في سلسلة تراجم أئمة القراءات

الشيخ محمد برعيش الصفريوي

مر معنا في الحلقة الماضية ترجمة الإمام هشام ابن عمار الراوي الأول لابن عامر الدمشقي، وفي هذه الحلقة نتم فيها ذكر إسناد رواية هشام مع ترجمة الراوي الثاني وهو ابن ذكوان.

إسناد رواية هشام من طريق الداني
ينتهي إسناد الإمام الداني إلى رواية هشام بسماعه من محمد بن أحمد بن علي البغدادي حدثنا ابن مجاهد قال: حدثنا الحسن بن أبي مهران الجمال قال: حدثنا أحمد بن يزيد الحلواني قال: حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا عراك بن خالد المري قال: قرأت على يحيى بن الحارث الذماري قال: قرأت على عبد الله بن عامر. وبرواية هشام قرأ الداني القرآن كله أيضا على أبي الفتح وقرأ أبو الفتح على عبد الله بن الحسين، وقرأ أبو عبد الله بن الحسين على محمد بن أحمد بن عبدان، وقرأ بن عبدان على الحلواني وقرأ الحلواني على هشام بالإسناد المذكور1.
وبهذا الإسناد تتصل أسانيد القراء.
وللداني إسناد آخر من رواية هشام عن أيوب بن تميم وسويد بن عبد العزيز عن يحيى بن الحارث عن ابن عامر2.
وفاته
قال البخاري: مات هشام في سَلْخِ المحرم سنة خمس وأربعين ومائتين3.

الراوي الثاني لابن عامر الدمشقي: ابن ذكوان
هو عبد الله بن أحمد بن بشير بن ذكوان الإمام، يكنى أبا عمرو وأبا محمد البهراني القرشي الفهري مولاهم الدمشقي4، ويقال بشير بن ذكوان بن عمرو بن حسان بن داوود بن حسنون بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر5.
ولد سنة ثلاث وسبعين ومائة، كان إمام المسجد الجامع بدمشق6، أخذ القراءة عرضا عن أيوب بن تميم وهو الذي خلفه في القيام بالقراءة بدمشق7، وروى الحروف سماعا عن إسحاق بن المسيبي عن نافع8.
وقال أبو عمرو الحافظ (الداني) إنه قرأ على الكسائي حين قدم الشام9، لكن قال الذهبي في هذا نظر10.
قلت هذا النظر لعله هو ما قيل من أن الكسائي ما دخل الشام، وقراءة بن ذكوان على الكسائي ثابتة، فقد قال النقاش: قال ابن ذكوان: أقمت على الكسائي سبعة أشهر11 وقرأت القرآن عليه غير ما مرة، وقد طعن الذهبي في رواية النقاش هذه قائلا: لم يتابع النقاش أحد على هذا، والنقاش يأتي بالعجائب دائما، وأما الحافظ ابن عساكر فلم يذكر شيئا من ذلك ولا ذكر الكسائي في تاريخ دمشق أصلا. 12 اهـ
وقد ساق ابن الجزري بإسناده إلى الكسائي قصة فيها أن قال: كنت أقرأ الناس في مسجد دمشق في قصة طويلة تنظر في ترجمته في غاية النهاية ص:239، وذكرها أيضا طاهر بن غلبون في كتاب التذكرة.
قال ابن الجزري فهذا تصريح بدخول دمشق وإقرائه بمسجدها ولو اطلع أبو القاسم ابن العساكر الحافظ على هذا لذكره فيمن دخل دمشق13.
قلت: فكيف إذا انضم إلى هذا قطع الإمام الداني إمام هذا الشأن بقدوم الكسائي إلى الشام.
وأما عدم ترجمة الحافظ بن عساكر للكسائي ضمن من دخلوا دمشق فلا يعنى هذا أنه لم يدخل الشام، فلعله لم يبلغه أن الكسائي دخلها ولا وقع علمه على ذلك، وهل ابن عساكر أحاط بكل من دخلوا الشام؟
ثم إنه على افتراض أن الكسائي لم يدخل الشام لا يعني هذا أنه لم يقرأ عليه ابن ذكوان لبقاء احتمال آخر ذكره الإمام ابن الجزري وهو أن يكون ابن ذكوان قد رحل إلى الكسائي بالعراق.
إلى هنا انتهت حلقة هذا العدد وسنذكر في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى بقية باقية من ترجمة ابن ذكوان، فترقبوها في العدد القادم بحول الله تعالى.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- التيسير ص:14.
2- جامع البيان ص:57-58.
3- معرفة القراء ص:226.
4- التيسير ص:6، معرفة القراء ص:226.
5- غاية النهاية ص: 179.
6- تهذيب الكمال 14/280.
7-8-9- غاية النهاية ص: 179.
10- معرفة القراء ص:226.
11- كذا في غاية النهاية ترجمة ابن ذكوان، وفي ترجمة الكسائي هناك أربعة أشهر، فلست أدري أهو تصحيف أم اختلاف.
12-13- غاية النهاية ص: 239.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *