من فقه البيوع النوع الخامس من البيوع المحرمة: البيوع المحرمة لأجل الضرر أو الغبن (الحلقة الثانية) من أحكام بيع المزايدة

تعريف بيع المزايدة

المزايدة في اللغة: المنافسة في الزيادة
المزايدة في الاصطلاح: “أن تعطى السلعة للدلال، ينادي عليها في السوق، فيعطي زيد فيها عشرة، فيزيد عليها عمرو، وهكذا إلى أن تقف على حد فيأخذها به المشتري”1.

من أسماء بيع المزايدة
– بيع من يزيد.
– بيع الدلالة، نسبة إلى الدلال، أي السمسار الذي يوكله صاحب السلعة بالبيع.
– بيع الدلال.

حكم بيع المزايدة
للعلماء في هذا البيع ثلاثة أقوال:
القول الأول: الجواز، وهو قول الحنفية والشافعية والحنابلة وجمهور العلماء.
القول الثاني: الجواز في بيع المغانم والمواريث فقط، وهو قول إسحاق والأوزاعي.
القول الثالث: الكراهة، وهو مروي عن إبراهيم النخعي.
– ونص الدسوقي من المالكية على أن الأولى تركُه.
وقال العدوي في “شرح الرسالة”: لعله خلاف الأولى2.
* والقول الأول أرجح، وذلك أن الأصل في البيع الحِلُّ حتى يقوم دليل التحريم أو الكراهة وليس مع المخالف في ذلك حجة سالمة من المعارضة تنهض بالتحريم أو الكراهة.
– وأيضا فإن عمل المسلمين على ذلك، قال ابن قدامة: “وهذا أيضا إجماع المسلمين، يبيعون في أسواقهم بالمزايدة”3.
وقال أبو عمر (ابن عبد البر): “أقوال الفقهاء كلهم في هذا الباب متقاربة المعنى، وكلهم قد أجمعوا على جواز البيع فيمن يزيد”4.
وقد استدل من أجاز بيع المزايدة بأدلة منها:
* ما رواه أصحاب السنن عن قيس بن أبي غرزة قال: “خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نُسمَّى السماسرة، فقال: “يا معشر التجار، إن الشيطان والإثم يحضران البيع فشوبوا بيعكم بالصدقة”5.

وجه الدلالة من الحديث
أن السماسرة هم الوسطاء بين البائعين والمشترين لإمضاء البيع، وإنما يكون ذلك عادة في بيع المزايدة، فأقرهم النبي صلى الله عليه وسلم على عملهم هذا، مع حضه لهم على الصدقة6.

واستدلوا للجواز بالقياس
وذلك أن قد ثبت تعامل الناس بهذا البيع في المغانم، فقد بوّب البخاري -رحمه الله- في صحيحه: “باب بيع المزايدة، وقال عطاء: أدركت الناس لا يرون بأسا ببيع المغانم فيمن يريد”.
فإذا ثبت الجواز في بيع المغانم فكذلك في غيرها، لا فرق7.
واستدل من أجاز بأدلة أخرى لكنها لا تخلوا من مقال، فلذلك أعرضنا عن ذكرها.

الفرق بين المزايدة وبين الاستيام على سوم الغير
جاء في الفتاوى الهندية: “الفرق بين المزايدة وبين الاستيام على سوم الغير، أن صاحب المال إذا كان ينادي على سلعته فطلبها إنسان بثمن فكف عن النداء، وركن إلى ما طلب منه ذلك الرجل، فليس للغير أن يزيد في ذلك، وهذا استيام على سوم الغير، وإن لم يكف عن النداء فلا بأس لغيره أن يزيد ويكون هذا بيع المزايدة، ولا يكون استياما على سوم الغير”8.
وسيأتي في الحلقة القادمة إن شاء الله ذكر مزيد من الأحكام، والله الموفق.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- حاشية الدسوقي 3/159، الزيادة وأثرها في المعاوضات المالية لعبد الرؤوف الكمالي 1/192.
– “النجش والمزايدة والمناقحة والممارسة” للدكتور رفيق المصري ص:47.
3- المغني 4/279.
4- التمهيد لابن عبد البر 18/191، وإطلاق ابن عبد البر فيه الإجماع فيه نظر بيِّن لما علمت من الخلاف في ذلك.
5- أخرجه الخمسة وصححه الألباني.
6-7- انظر “الزيادة وأثرها في المعاوضات المالية” للكمالي ص:195.
8- انظر “النجش والمزايدة” لرفيق المصري ص:57.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *