“إن لله تسعة وتسعين اسما من أحصاها دخل الجنة” اسم الله السميع (تتمة) الحلقة … ناصر عبد الغفور

تتمة المعنى اللغوي لاسم السميع
وفي المصباح المنير: (سَمِعْتُ) له (سَمْعًا)، و(تَسَمَّعْتُ)، و(اسْتَمَعْتُ)، كلها يتعدى بنفسه وبالحرف بمعنى، و(اسْتَمَعَ) لما كان بقصدٍ لأنه لا يكون إلا بالإصغاء، و(سَمِعَ) يكون بقصد وبدونه، و(السَّمَاعُ) اسم منه، فأنا (سَمِيعٌ) و(سَامِعٌ) و(أَسْمَعْتُ) زيدا أبلغته فهو (سَمِيعٌ) أيضا.. وطرق الكلام (السَّمْعَ) و(الْمِسْمَعَ) بكسر الميم، والجمع (أَسْمَاعٌ) و(مَسَامِعُ) و(سَمِعْتُ) كلامه، أي فهمت معنى لفظه، فإن لم تفهمه لبعدٍ أو لغطٍ فهو (سَمَاعُ) صوت لا سماع كلام، فإن الكلام ما دلّ على معنى تتم به الفائدة.. و(سَمِعَ) الله قولك علمه1 ، و(سَمِعَ) الله لمن حمده قبل حمد الحامد، وقال ابن الأنباري: أجاب الله حمد من حمده، ومن الأول قولهم (سَمِعَ) القاضي البينة أي قبلها، و(سَمَّعْتُ) بالشيء بالتشديد أذعته ليقوله الناس، و(السِّمْعُ) الذكر الجميل 2.
وفي المعجم الوسيط: سمعه الكلام أسمعه إياه، وبفلان شهره وفضحه.. واستمعه وله وإليه سمع وأصغى. وتسامع الناس بالكلام سمعه بعضهم من بعض وتناقلوه بينهم، والناس بفلان شاع بينهم عيبه.
والسامعة مؤنث السامع والأذن، ويقال: أذن سامعة شديدة السمع.. والسمعيات في العقائد: ما يستند إلى الوحي كالجنة والنار وأحوال يوم القيامة3 ..
المعنى في حق الله جل في علاه:
– يقول الإمام الخطابي رحمه الله تعالى: “السميع بمعنى السامع، إلا أنه أبلغ في الصفة، وبناء فعيل بناء المبالغة وهو الذي يسمع السر والنجوى، سواء عنده الجهر والخفي، والنطق والسكوت.. وقد يكون السماع بمعنى الإجابة والقبول، كقول النبي صلى الله عليه وسلم: “اللهم إني أعوذ بك من دعاء لا يسمع” أي من دعاء لا يستجاب، ومن هذا قول المصل سمع الله لمن حمده، معناه قبل الله حمد من حمده” 4.
– يقول الإمام أبو إسحاق الزجاج رحمه الله تعالى: “السميع: هو فعيل في معنى فاعل.. والله تعالى سامع وسميع، ويجيء على قياس قول قطرب: أن يقول في سميع، إنه الذي يسمع السر وسامع كل شيء، ويجيء في كلامهم سمع بمعنى أجاب، من ذلك ما يقوله المصلي عند رجوعه من الركوع سمع الله لمن حمده؛ فسر على أنه بمعنى استجاب، وقد أنشد أبو زيد في النوادر:
دعوت الله حتى خفـت ألا — يكون الله يسمع ما أقـــول
أي لا يجيب” 5.
– يقول العلامة السعدي رحمه الله تعالى: “ومن أسمائه الحسنى السميع الذي يسمع جميع الأصوات باختلاف اللغات على تفنن الحاجات، فالسر عنده علانية والبعيد عنده قريب” 9.
ويقول عند تفسيره لقوله تعالى: “هو السميع العليم” (يونس:65): “سمعه قد أحاط بجميع الأصوات، فلا يخفى عليه شيء منها”.
– يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: “سميع لكل شيء.. لا يخفى عليه ذبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء.. إن جهرت بقولك سمعه، وإن أسررت به لصاحبك سمعه، وإن أخفيته في نفسك سمعه، وأبلغ من ذلك أنه يعلم ما توسوس به نفسك وإن لم تنطق به” 7.
– يقول ابن جرير الطبري رحمه الله تعالى عند تفسير قوله تعالى: “لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ” السميع لما ينطق به خلقه من قول.. لا يخفى عليه من ذلك شيء..” 8.
وقال رحمه الله تعالى عند تفسير قوله تعالى: “فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ” (الأعراف:200): “إن الله الذي تستعيذ به من نزغ الشيطان سميع لجهل الجاهل عليك، ولاستعاذتك من نزغه، ولغير ذلك من كلام خلقه”9 .
وقال رحمه الله تعالى في تفسير قوله تعالى: “وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ” (الحج:61): “..ذو سمع لما يقولون من قول لا يخفى عليه منه شيء”10 .
– يقول الإمام أبو حامد الغزالي رحمه الله تعالى: “السميع: هو الذي لا يعزب عنه إدراك مسموع وإن خفي فيسمع السر والنجوى، بل ما هو أدق من ذلك وأخفى، ويدرك دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء، يسمع حمد الحامدين فيجازيهم ودعاء الداعين فيستجيب لهم..”11 .
***********************
1- في هذا القول نظر، لأن الله تعالى كما أنه عليم فهو سميع، وهذا القول من الفيومي يوهم بتفسير صفة السمع لله تعلى بصفة العلم والأمر ليس كذلك، وقد تأول المعتزلة اسم السميع بالعليم، وهو تأويل باطل كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى.
2- “المصباح المنير في غريب الشرح الكبير” لأحمد الفيومي.
3- المعجم الوسيط، مادة: سمع (1/449).
4- الأسماء والصفات للبيهقي (ص:61-62)، دار الكتب العلمية.
5- تفسير أسماء الله الحسنى للزجاج (1/42).
6- توضيح الكافية الشافية.
7- أسماء الله الحسنى.
8- جامع البيان في تأويل آي القرآن (21/510)، مؤسسة الرسالة.
9- جامع البيان (13/333).
10- جامع البيان (18/675).
11- المقصد الأسنى في شرح معاني أسماء الله الحسنى (ص:90).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *