من حكم الله تعالى في ما يجري بأرض الشام الحلقة الثالثة والأربعون ناصر عبد الغفور

ومن جملة حكم الله تعالى في ما يجري بأرض الشام:

9- قيام روح التعاون والتكافل بين أفراد الشعب السوري على غير مثال سابق: يقول الناشط الإسلامي محمد الملحم في مقال له بعنوان “باب عمرو قلب الثورة السورية النابض”1 : “و هناك مئات من القصص التي تحكي قصة هذا التحول العجيب في حياة الناس، إنها معجزة ربانية حقا، فالناس قبل الثورة يختلفون بشكل كبير عنهم بعد الثورة، لقد استحالوا خلقا آخر، لقد ذابت الفوارق بين الريف والمدينة بل تلاشت تماما، وروح الأخوة والتعاون بين الجميع باتت واضحة للمتابع.. وأما قصص الأمهات اللاتي يدفعن بأبنائهن للنزول للتظاهر مع توصيتهم بتقوى الله وإخلاص النية له سبحانه فكثيرة جدا لا يكاد يخلو منها بيت ولله الحمد”..

10- تحقيق سنة الإملاء: يقول تعالى: “وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْماً وَلَهْمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ” (آل عمران:178). فكون بشار والنصيريين يتمادون في جرائمهم الوحشية أزيد من سنة، علامة شؤم عليهم -عياذا بالله-: يحاربون أهل السنة.. يهدمون المساجد.. يجاهرون بالكفر الصراح.. كل “ذلك لشر يريده الله بهم وزيادة في عذاب وعقوبة إلى عذابهم.. فالله تعالى يملي للظالم حتى يزداد طغيانه ويترادف كفرانه ثم يأخذه أخذ عزيز مقتدر..” 2، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته، ثم قرأ: “وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ” (متفق عليه).

11- تحقيق سنة الابتلاء: وأكثر ما سبق ذكره هو في الحقيقة يندرج تحت هذه السنة الكونية، قال تعالى: “وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ” (محمد:31)، وقال تعالى: “وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ” (محمد:4)..

تلكم بعض الحكم فيما يجري بأرض الشام، وما يعلمه الله أعظم وأجل، وبهذا نوقن أن هذه الفتنة وإن لبست ثوب محنة لكن والله إنها في الحقيقة منحة، فمن آثار الإيمان باسم الله الحكيم أن نعلم أن وراء كل ابتلاء حكمة بل حكم، فلنحسن الظن بربنا فإنه حكيم في كل ما يصيبنا، و ما أحسن ما سطره الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى في هذا الشأن إذ يقول: “فليعتن اللبيب الناصح لنفسه بهذا الموضع، وليتب إلى الله تعالى وليستغفره كل وقت من ظنه بربه ظن السوء، وليظن السوء بنفسه التي هي مأوى كل سوء ومنبع كل شر المركبة من الجهل والظلم، فهي أولى بظن السوء من أحكم الحاكمين وأعدل العادلين وأرحم الراحمين، الغني الحميد الذي له الغنى التام والحمد التام والحكمة التامة، المنزه عن كل سوء في ذاته وصفاته وأفعاله وأسمائه، فذاته لها الكمال المطلق من كل وجه، وصفاته كذلك وأفعاله كذلك، كلها حكمة ومصلحة ورحمة وعدل وأسماؤه كلها حسنى
فلا تظنن بربك ظن ســـــــــــــوء فإن الله أولى بالجميــــــــــــــل
3ولا تظنن بنفسك قط خيـــــــــــرا وكيف بظالم جان جهـــــــــول “.
————–
1 – مجلة البيان العدد (رقم:294).
2 – تيسير الرحمن (ص:125).
3- زاد المعاد (107-108)، المجلد الثاني، دار ابن الجوزي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *