من هم محارم المرأة الذين يجوز لهم الخلوة بها والنظر إليها؟

لما بعد كثير من الناس عن تعاليم الإسلام وأحكام الدين, خاصة تلكم التي تحفظ الفروج والعورات, وتسد الذريعة إلى إختلاط الأنساب والمياه, وتحول دون ارتكاب المنكرات: وقع الناس في مستنقع الرذيلة والفاحشة وساعد على ذلك تمكن أعداء الإسلام من المرأة حتى أوقعوها في براثن الضياع وقلة الحياء بدعوى تحريرها, وهم في الواقع أرادوا أن يحرروها من دينها وحيائها وعفتها.
ومن هذه الأحكام الشرعية: معرفة المرأة لمحارمها من غيرهم حتى تحفظ نفسها ودينها فنقول وبالله التوفيق:
قال النووي رحمه الله: عندما وجه إليه سؤال: ما حقيقة التي هي محرم له, وله النظر إليها والخلوة بها؟ فأجاب رحمه الله: “هي كل من حرم عليه نكاحها على التأبيد بسبب مباح لحرمتها. وقولنا (على التأبيد) إحتراز من أخت المرأة ونحوها (أي: عمتها وخالتها وبنتها إذا عَقَد على الأم ولم يدخل بها), وقولنا: (بسبب مباح) احتراز من الأم الموطوءة بشبهة وبنتها, فإنهما محرمتان على التأبيد لكن لا بسبب مباح, فإن وطء الشبهة لا يوصف بأنه مباح ولا حرام، لأنه ليس فعل مكلف لأن الغافل ليس مكلفا.
وقولنا: (لحرمتها) احتراز من الملاعنة فإنها محرمة على التأبيد بسبب مباح لكن لا لحرمتها بل عقوبة لهما والله أعلم” الفتاوي المسمى بالمنثورات للنووي, المسألة 223.
قال تعالى: “وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء”.
قال ابن كثر رحمه الله: ” لِبُعُولَتِهِنَّ: أي لأزواجهن.
ومن قوله: أَوْ آبَائِهِنَّ… إلى آخر الآية: قال رحمه: كل هؤلاء محارم للمرأة يجوز للمرأة أن تظهر عليهم بزينتها من غير تبرج” تفسير ابن كثير 3/284.
وتفسير المحارم هم كالآتي:
1ـ أَوْ آبَائِهِنَّ: هو أبو المرأة.
2ـ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ: هو أبو الزوج, والأجداد وإن عَلَو.
3ـ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ: إبن المرأة وإن سفلوا, وكذلك أبناء البنات وإن سفلن.
4ـ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ: ذكور أولاد الزوج, ويدخل فيه أولاد الأولاد وإن سفلوا, من ذكران كانوا أو إناث.
5ـ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ: أخو المرأة.
6ـ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ: أبناء الأخ وإن سفلوا.
7ـ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ: أبناء الأخت وإن سفلوا.
8ـ أَوْ نِسَائِهِنَّ: أي نساؤهن المسلمات ليس المشركات على الراجح.
9ـ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ: فيه قولان:
أـ المراد الإماء الكتابيات.
ب ـ المراد المملوك الرجل.
10ـ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ: قيل: الذين ليسوا بأكفاء وهم مع ذلك في عقولهم وَلَه, ولا همة لهم إلى النساء ولا يشتهونهن, وقيل: المغفل الذي لا شهوة له, وقيل: هو الأبله, وقيل: المخنث الذي لا يقوم ذكره, أما المخنث الذي يصف فلا يعد من غير أولي الإربة.
11ـ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء: يعني لصغرهم لا يفهمون أحوال النساء وعوراتهن, فإذا كان الطفل صغيرا لا يفهم ذلك فلا بأس بدخوله على النساء, فأما إن كان مراهقا أو قريبا من ذلك بحيث يعرف ذلك ويدريه ويفرق بين الشوهاء والحسناء فلا يمكن من الدخول على النساء.
يقال طفل: ما لم يراهق الحلُم, يظهروا: أي لم يبلغوا أن يطيقوا النساء.
فائدة:
هل يدخل العم والخال في المحارم؟
قال القرطبي: الجمهور على أن الخال والعم كسائر المحارم في جواز النظر لهما إلى ما يجوز لهم.
فائدة:
هل زوج البنت محرم لأمها؟
قال ابن كثير: جمهور العلماء على أن أم الزوجة تحرم بمجرد العقد.
فائدة:
هل زوج الأم يعد محرما لابنتها (الربيبة)؟
لا يعد زوج الأم من محارم ابنتها إلا إذا توفر شرطان كما قال ابن حجر رحمه الله في الفتح: “التحريم جاء مشروطا بأمرين:
أـ أن تكون في الحجر.
ب ـ أن يكون الذي يريد التزويج قد دخل بالأم.
فلا تحرم بوجود أحد الشرطين”.
وإلى هذا ذهب داوود بن علي وأصحابه, واختاره ابن حزم وحكاه أبو القاسم الرافعي عن مالك رحمه الله, وقد استشكله الإمام بن تيمية وتوقف فيه.
وذهب الجمهور على أن الربيبة حرام, سواء كانت في حجر الرجل أو لم تكن في حجره. انظر تفسير ابن كثير وفتح الباري.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *