من أنواع الاستهتار بأحكام الدين والشرع الذي تفشى في زمننا هذا بين بعض المسلمين على مختلف أعمارهم: تعاطي شرب الخمور والمسكرات دون حياء من رب الأرض والسموات، بل بلغ الحال ببعضهم -كما أخبر الصادق المصدوق- صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح إلى تسمية ذلك بغير اسمه!
فصدهم ذلك عن اجتناب نواهي الله جل وعلا وطاعته وذكره، وأوقع الشيطان بينهم العداوة والبغضاء فحدث من جراء ذلك من الفساد العريض ما الله عز وجل به عليم وبصير.
قال تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ”.
قال القرطبي رحمه الله: “(فَاجْتَنِبُوهُ): يريد أبعدوه واجعلوه ناحية فأمر الله تعالى باجتناب هذه الأمور، واقترنت بصيغة الأمر مع نصوص الأحاديث وإجماع الأمة، فحصل الاجتناب في جهة التحريم، فبهذا حرمت الخمر، ولا خلاف بين علماء المسلمين أن سورة المائدة نزلت بتحريم الخمر وهي مدنية من آخر ما نزل” الجامع لأحكام القرآن 6/269.
وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: “أوصاني رسول الله صلى الهم عليه وسلم بتسع (فذكر منها): “..ولا تشربن الخمر فإنها مفتاح كل شر..” صحيح الأدب المفرد.
ومعنى ذلك أن الإنسان يفقد عقله، وبذلك قد يقع في الشرك والكفر والزنا وشهادة الزور وسائر الخبائث والفواحش ويؤكد هذا قوله عليه والصلاة والسلام: “الخمر أم الفواحش، وأكبر الكبائر، من شربها وقع على أمه وخالته وعمته” الصحيحة، وفي رواية: “الخمر أم الخبائث” الصحيحة. فالخمر من أسباب زنى المحارم كما أكد ذلك الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم.
وقال عثمان رضي الله عنه عن الخمر: “فاجتنبوها فإنها أم الخبائث وإنه والله لا يجتمع الإيمان والخمر في قلب رجل إلا يوشك أحدهما أن يذهب بالآخر”.
قال أحد العلماء في معنى ذلك: “أن شارب الخمر إذا سكر يجري على لسانه كلمة الكفر، ويتعود لسانه بذلك ويخاف عند موته أن يجري على لسانه كلمة الكفر، فيخرج من الدنيا على الكفر فيبقى في النار أبدا لأن أكثر ما ينزع الإيمان من العبد إنما ينزع عند موته، وذلك بسبب الذنوب التي فعلها في حياته فيبقى في حسرة وندامة”.
وأثر عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: “لعن في الخمر عشرة: العاصر لها، المعصورة له، شاربها، وساقيها، وحاملها، والمحمولة إليه، وتاجرها، وبائعها، ومشتريها، وشائلها (غارسها)”.