تقويم بعض المفاهيم الحديثية إبراهيم الصغير

– أخرج البخاري ومسلم من حديث أبي سعيد رضي الله عنه: أن رجلا من أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم) رقى لديغا بفاتحة الكتاب فجعل يتفل عليه ويقرأ: {الحمد لله رب العالمين}، فكأنما نُشِط من عِقال”.
يرددها البعض بالفتح (نَشطَ من عقالٍ) ونَشطَ بالفتح غير نُشِط بالضم.
قال ابن الأثير: وكثيرا ما يجيء في الرواية (كأنما نَشِطَ مِنْ عِقال) وليس بصحيح. يقال: نَشَطْتُ العقْدة، إِذَا عَقَدتَها، وأَنْشَطْتُهَا وانْتَشَطْتُهَا، إِذَا حَلَلْتَها.
وقال ابن منظور: وَقَدْ نشَط الأُنْشُوطةَ يَنْشُطُها نَشْطاً ونشَّطها: عقَدها وشدَّها، وأَنْشَطها حلَّها. ونشَطْت العَقْد إِذا عَقَدْتُهُ بأُنشوطة. وأَنشطَ الْبَعِيرَ: حَلَّ أُنشوطته. وأَنشطَ العِقال: مَدَّ أُنشوطته فانحلَّ. وأَنشطْت الحبلَ أَي مدَدْتُه حَتَّى ينحَل. ونشَطت الْحَبْلَ أَنْشُطه نشْطاً:ربطْتُه، وإِذا حللْتَه فَقَدْ أَنشَطْتَه، ونشَطه بالنِّشاط أَي عَقَدَهُ.

– قال النبي صلى الله عليه و سلم: (اتقوا الْبَرَازَ فِي الْمَوَارِدِ).
يرددها البعض البراز بالكسر وهذا غلط مغير للمعنى.
قال ابن الأثير( برز): البراز: بالفتح: اسم للفضاء الواسع، فكنوا به عن الغائط كما كنوا عنه بالخلاء لأنهم كانوا يتبرزون في الأماكن الخالية من الناس. وعزي للخطابي قوله: المحدثون يروونه بالكسر وهو خطأ: لأنه بالكسر مصدر من المبارزة في الحرب، وقال الجوهري بخلافه، وهذا لفظه: البراز: المبارزة في الحرب، والبراز أيضا كناية عن ثقل الغذاء، وهو الغائط، ثم قال: والبراز بالفتح: الفضاء الواسع، وتبرز الرجل: أي خرج إلى البراز للحاجة.
ويقولون: (البِراز)، للكناية عن الحَدَثِ، بكسر الياء. وصوابه: البَراز، بفتح الباء. والأصل في البَراز: الفضاء والمتَّسَعُ من الأرض، كُنِي عنه بالحدث، كما كُني عنه بالغائط.

– قال النبي صلى الله عليه و سلم: (مَنْ صَلَّى الْبَرْدَيْنِ دَخَلَ الْجَنَّةَ).
قال الخطابي: سميتا بَرْدَيْنِ، لأنهما تصليان في بَرْدَي النهار.
قال ابن جحر: قوله من صلى الْبَرْدَيْنِ بفتح الموحدة وسكون الراء تثنية بَرْد.
والبَرْد ضدُّ الحرّ والبُرودة نقيض الحرارة.
أما البَرَد فهو الماءُ الجَامِدُ ينزلُ من السَّحاب قِطَعاً صِغَاراً، ويُسَمَّى: حَبَّ الغمام، وحَبَّ المزْن.
فالبَرْد غير البَرَد والْبَرْدَيْنِ غير البَرَدين.

– قال النبي صلى الله عليه و سلم: (فَوَ اللَّهِ لأن يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ).
قد يرددها البعض بـ(حمر النَّعَم) وهذا غير سديد.
قال أبو بكر الأنباري: النَّعَم: الإِبل، وحمرها: كرامها، وأعلاها منزلة. و(النَّعم) في قول بعضهم، لا يقع إلا على الإِبل، و(الأنعام) تقع على الإِبل والبقر والغنم. فإذا انفردت الإِبل قيل لها: نعمٌ، وأنعام.
وإذا انفردت البقر والغنم لم يقل لها: نعم، ولا أنعام.
وقال آخرون:(النَّعَم) و(الأنعام) بمعنى واحد.
فـ(حُمْرُ النَّعَمِ) هي الإبل الحمر وهي أنفس أموال العرب يضربون بها المثل في نفاسة الشيء وإنه ليس هناك أعظم منه.
أما (النِّعَم) بالكسر فجمع نعمة، وهي غير مرادة هنا.

– في الحديث الصحيح، لما سئل رسول الله صلى الله عليه و سلم: ما الغِيبَة؟ قال: “ذِكْرُك أخاك بما يَكْرَه”.
يرددها الناس بـ(الْغَيْبَة) وهذا خطأ كبير.
قال ابن التين:(الغِيبة ذكر المرء بما يكرهه بظهر الغيب).
وعرَّفها الجوهري بقوله: (أنْ يتكلَّم خلف إنسانٍ مستور بما يَغُمُّه لو سمعه، فإن كان صدقًا سُمِّيَ غِيبَةً، وإن كان كذبًا سمِّي بُهتانًا).
وقال المناوي: (هي ذكر العيب بظهر الغيب بلفظٍ، أو إشارةٍ، أو محاكاةٍ).
فالغِيبَة هي ذكرك أخاك بما يكره في غَيْبته. وهذه الأخيرة من الغياب والتواري، وبين الكلمتين فرق كبير.
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *