التعريف
المثالية مذهب فلسفي يشمل جانباً كبيراً من المذاهب الميتافيزيقية (ما وراء الطبيعة أو الغيبية) وهي اتجاه فلسفي يبحث عن مسألة الوجود (الانطولوجيا)، في حين أن العقلانية اتجاه مذهبي يبحث في أصل المعرفة ويرد هذا الأصل إلى العقل فقط، وينكر دور الحواس أو المعرفة القلبية أو المعرفة عن طريق الوحي، وعكس العقلانية التجريبية وهذه الأخيرة تعتمد على التجربة الحسية فقط من دون العقل المجرد.
وعكس المثالية “المادية”، والمثالية تعطي الأولوية في الوجود للروح على أن يكون وجود المادة ثانوياً في حين أن المادية تعطي الأولوية في الوجود للمادة، على أن تكون الروح انعكاساً للمادة وظلاً لها.
وتقترب المثالية كثيراً من الفلسفة لأنها تبلور مباحث الفلسفة الثلاثة الرئيسية: الحق والخير والجمال.
التأسيس وأبرز الشخصيات
ظهرت المثالية في القرن الثامن عشر الميلادي، ومن أبرز الفلاسفة الذين أثروا في المذهب، وكان لهم تأثير كبير في مجرى الفكر الأوروبي عامة:
“جورج باركلي” 1685-1753م وهو راهب أيرلندي، ويعد المؤسس الحقيقي للمثالية، وكانت أفكاره ذات تأثير كبير فيمن جاء بعده من المفكرين والفلاسفة.
“عمانوئيل كانت” 1724- 1804م وهو فيلسوف ألماني، ألف كتباً مشهورة أهمها نقد العقل الخالص ونقد العقل العملي، وكان يعتقد أن هناك حجة أخلاقية كافية للبرهان على وجود الله هي القانون الأخلاقي.
“جوهان فيشته” 1762- 1814م وهو فيلسوف ألماني، درس اللاهوت والفلسفة وتتلمذ على يد “كانت” وكان لخطبه الشهيرة في برلين بين عامي 1807- 1808م عميق الأثر في إحياء بروسيا بعد هزائمها على يد “نابليون بونابرت”.
“جورج فلهلم هيجل” 1770- 1831م وهو فيلسوف ألماني كان من أكبر الفلاسفة تأثيراً في فلسفات عدة مثل الوجودية والماركسية والذرائعية في مجال الديالكتيك (الجدل) وكان يعتقد أن الوجود المادي مظهر للروح.
“آرثر شوبنهور” 1788- 1860م وهو فيلسوف ألماني، تأثر كثيراً بفلسفة أفلاطون المثالية وكانت من كتبه العالم إرادة وفكرة وقد تأثر بالبوذية، لكنه لم يقبل مذهب تناسخ الأرواح.
“ت.هـ. جرين” 1836-1924م وهو فيلسوف إنجليزي، أثر تأثيراً كبيراً في أكسفورد، واهتم بشكل خاص بالربط بين المثالية والنصرانية وبين المثالية والأفكار السياسية الحرة.
“ف.هـ. برادلي” 1846- 1924م وهو فيلسوف إنجليزي، قال بأنه ينبغي علينا افتراض وجود مطلق يجاوز نطاق الفكر.
الأفكار والمعتقدات
– إن جوهر الحقيقة روحي، والروح لا تستطيع أن تدرك نفسها إلا في علاقتها بعنصر مادي موضوعي، وهذا هو علة وجود المادة أو كما قال هيجل: “المادة مظهر تتبدَّى به الروح”.
– إن الأرواح هي الفاعل وهي التي تملك إرادة.
– إن الأشياء المادية المحسوسة ليست سوى مجموعات من الأفكار على حد تعبير “باركلي” أو من المعطيات الحسية على حد تعبير من جاءوا بعده. وإننا لا نستطيع أن نتصور الصفات التي ننسبها إلى الأشياء المادية مجردة من تجربتنا الحسية لها.
– إن الأشياء الطبيعية التي لا يدركها الإنسان موجودة في علم الله، “باركلي”.
– إن معرفتنا مقتصر على الظواهر، ولا نستطيع معرفة الأشياء في ذاتها، “كانت”.
– ترى المثالية أن الشر شيء عارض وعابر في الحياة؛ والأدب المثالي يحاول الكشف دائماً عن الطبيعة الخيرة والجميلة للإنسان.
الجذور الفكرية والعقائدية
مؤسس المثالية “جورج باركلي” الفيلسوف الأيرلندي كان راهباً عاش طوال حياته متشبعاً بالفكر الديني مولعاً بالفلسفة والفكر اللاهوتي، ومدافعاً عن الإيمان الديني والإدراك الفطري السليم. فضلاً عن محاولته وهو في منتصف عمره، إقامة جامعة لتخريج منصِّرين.
هذه الجذور الدينية العميقة كان لها أكبر الأثر في توجهه الفلسفي نحو القول بالمثالية، وأنه لا حقيقة إلا للروح ولخالقها، وأن الوجود المادي وجود ظاهري يحس به الإنسان ويدركه بعقله فقط. ويظهر الأثر المباشر لآراء “باركلي” في الفيلسوف “كانت” الألماني.
الانتشار ومواقع النفوذ
انتشرت المثالية في أوروبا عامة وألمانيا بصفة خاصة.
يتضح مما سبق
أن المثالية مذهب فلسفي فاسد، يرى أن العقل هو أساس المعرفة وأنه هو الحقيقة النهائية، فالمادة مظهر تتبدّى فيه الروح، والأرواح هي الفاعل وهي التي تملك إرادة، كما يقول المذهب النقدي عند الفيلسوف “كانت”.