الأهداف التي دفعت اليهود في التدخل لتغيير مسار الثورة الفرنسية

أما عن أسباب دخول اليهود في الثورة فقد كان لتحقيق هدفين كبيرين من أهدافهم الخاصة، أحدهما: كانت الثورة تتجه إليه من تلقاء ذاتها، والثاني: كانت وجهة الثورة تيسِّر لهم الوصول إلى هدفهم الخاص إذا استغلوا الأحداث.

فأما الهدف الأول: فقد كان تحطيم الإقطاع، وهذا كان يوافق هدفاً مرحلياً خاصاً لليهود.
فقد كان لليهود أكثر من مصلحة في تحطيم الإقطاع، فلا عجب أن يدخلوا في الثورة التي رأوها متجهة -من تلقاء نفسها- إلى تحطيمه.
كانت الثورة الصناعية تدق الأبواب، وكان اليهود يقدِّرون لأنفسهم فيها أرباحاً طائلة عن طريق الإقراض بالربا، فمنذ مولدها واحتياجها إلى المال لتمويل الصناعة الناشئة سقطت فريسة في يد اليهود، وما تزال حتى هذه اللحظة في أيديهم.
لقد كان المال الوفير الذي يصلح لتمويل الثورة الصناعية في يد طائفتين اثنتين في ذلك الحين: طائفة أمراء الإقطاع وطائفة المرابين من اليهود.
فأما أمراء الإقطاع فقد رفضوا تمويل الصناعة الناشئة وأبوا أن ينقلوا أموالهم من دورتها الزراعية المألوفة لديهم والمضمونة الربح لهم، إلى عملية جديدة لا يعرفونها، ولا يطمئنون إليها لعدم تمرسهم بها، خاصة وأن كثيراً من العلميات الصناعية كان يفلس في مبدأ الأمر بسبب نقص الخبرة، أو عدم توفر الأسواق، أو عدم وجود المواصلات الميسرة، أو عدم إقبال الناس على الأشياء المصنوعة الآلة، وتفضيل المصنوعات اليدوية عليها بحكم الألفة الطويلة.
عندئذ تقدَّم اليهود لتمويل تلك الصناعات مرحبين، لأنهم -على طريقتهم- لا يخسرون شيئاً سواء ربحت الصناعة أو خسرت أو أفلست إفلاساً كاملاً، ذلك أنهم لا يشتركون اشتراكاً مباشراً برؤوس أموالهم، وإنما يقرضون أصحاب الصناعات بالربا الفاحش مقابل ضمانات تضمن لهم رجوع أموالهم إليهم مع الزيادة الربوية المضاعفة، ودون أن يتعرضوا للخسائر التي كانت تتعرض لها الصناعة الناشئة في ذلك الوقت في كثير من الأحيان.
ولكن العقبة أمام الصناعة الناشئة لم تكن عقبة التمويل فحسب -وهي بالنسبة لهم لم تكن عقبة بل كانت مصدر ربح وفير- إنما كانت العقبة الكبرى هي توفير العمال اللازمين للصناعة، فقد كان العمال في الريف يحتجزهم الأحرار، وهم قلة قليلة إلى جوار العبيد والأقنان، وكلهم لا يملكون الانتقال إلى حيث تقوم الصناعات بالمدينة، حيث توجد الأسواق المعقولة لتصريف المنتجات الصناعية، ومن ثم كان لا بد من تحطيم الإقطاع لتحرير وقود الصناعة الجديدة، وتقرير (حق الانتقال) لكل من يريد، وهو حق لم يكن قائماً في ظل الإقطاع.
وهذا الهدف -وهو تحرير العبيد لتوفير العمال اللازمين للصناعة في المدن- لم يكن في حساب الثائرين ولا شكوا يوم قاموا بثورتهم العنيفة ضد مظالم الإقطاع في ذلك، ولكنه كان هدفاً واعياً لليهود منذ أول لحظة.
وأما الهدف الثاني: فقد كان تحطيم نفوذ الكنيسة ورجال الدين، وهذا الذي حوله اليهود لحسابهم الخاص إلى تحطيم ذات الدين.
لذلك سعوا بجمعياتهم الماسونية المنبثة في أنحاء فرنسا، وبخطبائهم وكتابهم إلى توجيه غضب الجماهير المجنونة نحو الدين ذاته لا نحو رجاله فحسب، وكان أن أعلنت في فرنسا الثورة، أول حكومة لا دينية في العالم النصراني لا تجعل الدين أساساً لأي شيء في حياة الناس.
ثم أعقب ذلك ظهور نظرية علمية خطيرة استغلها اليهود أنجح استغلال لتحويل أوروبا إلى اللادينية تلك النظرية كانت نظرية دارون(1).
يقول كتاب بروتوكولات حكماء صهيون في ذلك: (إن داروين ليس يهودياً، ولكنا عرفنا كيف ننشر آراءه على نطاق واسع، ونستغلها في تحطيم الدين).
وسيكون هذا بإذن الله تعالى هو موضوع مقالنا القادم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) تشارلز داروين (1809-1882)م باحث إنجليزي، صاحب نظرية التطور في الأجناس الحية، أحدث كتابه (أصل الأنواع) الذي تضمن نظريته في التطور ضجة لم يحدثها أي مؤلف آخر في التاريخ الأوروبي قاطبة، وكانت له آثار بعيدة في كل المجالات.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *