هل انخرطت القناتان الأولى والثانية في مشروع البابا لتنصير المغاربة؟

قامت السلطات المغربية بطرد خمس نساء أروبيات في شهر مارس الماضي بعد اتهامهن بممارسة نشاط تنصيري استهدف مواطنين مغاربة قصد تحويل عقيدتهم من الإسلام إلى النصرانية، وفي يوم الجمعة 04 دجنبر 2009م أوقفت مصالح الشرطة القضائية بوجدة 17 شخصا بمدينة السعيدية، من بينهم منصران من جنوب إفريقيا، ومواطن من غواتيمالا، ومواطن سويسري رفقة مواطنين مغربيين، وقد صرح بلاغ لوزارة الداخلية أن تدخل مصالح الشرطة جاء إثر ورود معلومات تفيد بتصرفات مريبة ذات صلة بأعمال تنصيرية، من شأنها المس بالقيم الدينية للمملكة، كما أوضح البلاغ أن عمليات التفتيش في عين المكان مكنت من حجز العديد من الأدوات التنصيرية من ضمنها كتب وأقراص مدمجة باللغة العربية وبلغات أجنبية.

مع كل ما يعتري ملف محاربة التنصير من قصور وضعف، نحيي وزارة الداخلية على عملها في حماية عقيدة المغاربة الإسلامية، لكن نتساءل: ما جدوى أن تحارب وزارة الداخلية التنصير إذا كانت القناتان الأولى والثانية تصران على الدعاية للصليب وللعقائد النصرانية من خلال ترسانة من المسلسلات المكسيكية وغير المكسيكية المدبلجة، التي لا يخلو مسلسل منها من وجود حافل للصليب، أو توظيف خطير لأدعية دينية تطلب من العذراء العون والسداد، أو مشهد لامرأة داخل كنيسة تتوسل إلى تمثال يسوع النصارى المزعوم مربوط إلى صليب، تطلب منه الصفح والمغفرة لأنها تقيم علاقة جنسية مع رجل متزوج، أما مشهد الصلبان المعلقة على صدور الشباب والشابات والعجائز والكهول فمتعدد في الحلقة بشكل يرجح فرضية التوظيف التنصيري لهذه المسلسلات التي تستهدف الأسرة المغربية خصوصا وأن أكثرها مشاهدة دبلج باللهجة المغربية وهو المسلسل المكسيكي «أين أبي» حيث حظيت مثلا حلقته المبثوثة يوم الجمعة الأول من شهر أكتوبر الماضي، بنسبة مشاهدة بلغت 56.0 في المائة، وتابعها (4.655.000) أربعة ملايين وستمائة وخمسة وخمسين ألف مشاهد، حسب ما صرح به بلاغ صحافي صادر عن شركة «ماروك ميتري»، قبل أيام، والمتعلق بنسب المشاهدة والاستماع للقناة الأولى والثانية، خلال شهري شتنبر وأكتوبر الأخيرين.
فأما هذا الكم الهائل من المشاهد ذات الحمولة التنصيرية حق لنا أن نتساءل: هل انخرطت القناتان الأولى والثانية في مشروع البابا لتنصير المغاربة؟
إننا لا نشك أن المغرب يمثل بالنسبة للمنظمات التنصيرية هدفا بالغ الأهمية فقد استحوذ على عناية الكنيسة الكاثوليكية منذ ما قبل الاحتلال الفرنسي، حيث تخبرنا الوثائق التاريخية أن بابا روما تدخل بكل ثقله حتى تُصدر الدول النصرانية المتكالبة على المغرب توصية حول الحرية الدينية للسكان وذلك خلال أشغال مؤتمر مدريد 1880م لإصلاح نظام الحماية القنصلية بالمغرب.
فإقرار الحرية الدينية للمغاربة يدخل ضمن الواجب الديني لبابا النصارى فلنستمع إلى مدير ديوانه الكاردينال “نينا” وهو يتحدث إلى السفير فوق العادة للنمسا وهنغاريا المعتمد لدى البابا في رسالة قبيل انعقاد المؤتمر المذكور:
“إن قداسة البابا الذي يفرض عليه واجبه الديني الاهتمام بكل أمر قد يفيد في تعزيز المصالح الدينية في جميع أطراف الأرض، صح عزمه على أن يطلب من الدوائر العليا للدول الكاثوليكية أن تتبنى -خلال المؤتمر الديبلوماسي الذي يكاد ينعقد بمدريد للنظر في شؤون المغرب- توصية حول الحرية الدينية للسكان هناك شبيهة بالتوصية التي تبنتها تلك الدول خلال مؤتمر برلين، لفائدة رعايا الباب العالي”(1).
فأن تعمل منظمات التنصير على استهداف عقيدة المغاربة وتروم استبدالها بعقيدة الصليب أمر مفهوم يدخل في إطار التدافع بين الحضارات الذي لم يتوقف أبدا على مر التاريخ، لكن أن تقوم مؤسستان يمولان من أموال المغاربة باستهداف عقيدتهم الإسلامية السمحة، فهذا أمر لا يمكن فهمه إلا في إطار المؤامرة خصوصا إذا علمنا أن اليهودي “برنار هزريا” يحتكر عملية جلب الأعمال الأجنبية إلى القناة الثانية بعدما كان في السابق يجلب الأعمال إلى القناة الأولى، وبعد تسلم سليم الشيخ تحدثت بعض الكواليس عن إمكانية أن يكون هزريا وراء جلب الأعمال الأجنبية عبر شركة «أطلانتيس» التي تنشط في الكوت ديفوار والطوغو”.
فلنتأمل أكثر من أربعة ملايين ونصف المليون من المغاربة عاكفين كل يوم على تتبع هاته الزبالات المكسيكية، 300 حلقة من مسلسل واحد مليئة بمشاهد تدعو إلى العقائد النصرانية وتزين العري والزنا وتربي على القتل والتدمير والانتقام وشرب الخمور والخيانة الزوجية، ولنتساءل بعد التأمل عن حال المغرب بعد 10 سنين فقط من هذا الإفساد المتعمد لدين وأخلاق المغاربة.
ومن دون أن نجري دراسة أو بحثا ميدانيا نقتصر على ملاحظة سطحية لهذا التقارب والتشابه بين لباس المراهقات والمراهقين والشابات والشباب المغاربة والميكسيكيين، نمط واحد يوحد بينهم، ملابس تكشف السوءة ولا تترك من ماء الوجه قطرة، وتَهتُّكٌ يُبِيدُ خلق الحياء من قلب الناظر والمنظور، أما السلوك فتدلنا عليه نسب الزواني الحاملات التي اصطلح على تسميتهن بين العلمانيين “بالأمهات العازبات”، وكذا معدلات الولادات غير الشرعية، وحالات الإجهاض اليومية، وشبكات الدعارة داخل المغرب والباغيات المهجرات قسرا من البلدان العربية، وشيوع اللواط حتى صارت لأهله جمعية.
فهل كنا ننتظر من بناتنا أن يلبسن الحجاب أو النقاب ويلتزمن قانون العفة قبل الزواج وأخلاق الطهارة والإخلاص بعده وقد أمعنا بإفسادهم عبر آلاف الحصص التعليمية المكسيكية؟
هل كنا ننتظر من أبنائنا أن يتشبثوا بمقومات الهوية والدين بعد أن تركناهم فرائس لعباد الصليب وغيبنا التربية على مبادئ الإسلام لصالح التنشئة على المفاهيم العلمانية التي لا تنزعج مما آل إليه الحال؟
هل كنا ننتظر منهم أن يكونوا من الصالحين وقد أحطناهم بكل العوامل المهيجة المشجعة على الانحراف الأخلاقي؟
إن هذا الفساد الذي أذل المغرب والمغاربة في العالم الإسلامي لن يرتفع عنا إلا إذا عدنا إلى الحق المتمثل في هدي الإسلام والذي جل الله فيه عزنا وشرفنا {وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُم بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَن ذِكْرِهِم مُّعْرِضُونَ}المؤمنون. والذكر هنا العز والشرف.
وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم
إبراهيم الطالب/السبيل
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- جزء من مذكرة من ديوان الفاتيكان إلى السفير فوق العادة للنمسا وهنغاريا المعتمد لدى البابا مؤرخة في 5 من ماي 1880م تحت رقم 40231، أنظر “الوثائق” ص 176 مجموعات دورية تصدرها مديرية الوثائق الملكية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *