بالغرامة والحرمان.. حزب ساركوزي يتوعد المنتقبات جمال عفيفي

حسب التقرير الصادر سنة 2004 من قبل خدمات الاستخبارات الفرنسية فإن عدد من يرتدين البرقع في فرنسا يصل إلى نحو 4.000 امرأة، أما وزارة الداخلية الفرنسية فقد قدرت عدد من يرتدين البرقع في البلاد بنحو 2000 امرأة فقط.

الحرمان من حق الحصول على الجنسية، الحرمان من بطاقة الإقامة لمدّة 10 سنوات، الحرمان من منح الدولة، الحرمان من حق استخدام وسائل النقل العامة، دفع غرامة مالية كبيرة.. جانب من الدعوات التي توالت في فرنسا مؤخرا لمعاقبة النساء اللواتي ترتدين البرقع، وهي التسمية المعهودة في الغرب لأي شيء يستر الوجه ويشمل ذلك النقاب الشرعي.

هذه الدعوات صدرت من قبل بعض المسؤولين في حزب “التجمع من أجل الحركة الشعبية” الحاكم، وتأتي قبيل أيام معدودة من الموعد المقرر لصدور قرار لجنة التحقيق التي شكلها البرلمان الفرنسي في “ظاهرة البرقع”.
وفي هذا الصدد، ذكرت صحيفة “دايلي ميل” البريطانية في تقرير نشرته مؤخرا أن “فريدريك لوفيفر”، المتحدث باسم الحزب الحاكم، طالب بمنع المنتقبات من استخدام وسائل النقل العامة وحرمانهن من المنح المقدمة من الدولة، وقال إن أي امرأة تخرق القانون المقترح بشأن اللباس ينبغي أن تُحرم من حقوقها.
وجاءت تصريحات فريدريك بعد يوم واحد من الدعوة التي أطلقها “كزافييه برتران”، الأمين العام للحزب الحاكم، بحرمان المنتقبات من حق الحصول على الجنسية الفرنسية.
وقال كزافييه إن النساء اللواتي يرتدين البرقع لا ينبغي أن يُمنحن الجنسية الفرنسية، زاعما أن البرقع هو “سجن للنساء وأن من يرتدينه لا يمكن أن يندمجن مع باقي طوائف المجتمع”.
وفي سياق الموقف الرسمي نفسه، قدم رئيس الكتلة البرلمانية للحزب الحاكم، “جان فرنسوا كوب”، مشروع قانون أواخر شهر ديسمبر الماضي يجرم ستر الوجه في الأماكن العامة، ويفرض غرامة قدرها 776 يورو على أي امرأة ترتدي البرقع في الأماكن العامة.
وبحسب مشروع القانون، فإن الغرامة المقررة تزيد بمقدار الضعف على أي رجل يثبت أنه أجبر زوجته أو بناته على تغطية وجوههن ومن يرفض دفع الغرامة يتعرض للاعتقال والسجن.
“إريك بيسون”، وزير الهجرة الفرنسي، وصف بدوره البرقع بأنه “إهانة للهوية الوطنية” واعتبره دليلا على رفض الإندماج وذهب أبعد من ذلك حين اقترح حرمان المنتقبات من بطاقة الإقامة لمدّة 10 سنوات.
وانضم إلى الموقف الرسمي الذي يتبنى توجها معارضا لارتداء البرقع جماعات أخرى لحقوق المرأة وكثير من نواب اليسار.
مواقف أخرى
ولا يمنع ذلك وجود بعض الأصوات المعارضة والمستقلة والحقوقية التي ترفض هذا الحظر لكن ليس من منطلق تعاطفها مع المسلمين وإنما من باب احترام الحريات الشخصية والمخاوف على مصالح بلدهم حال إقرار هذا الحظر، ومن أبرز هذه الأصوات “ليونيل جوسبان” زعيم الحزب الاشتراكي، أكبر الأحزاب المعارضة في فرنسا، و”رافايل لايوجير” مدير المرصد الديني، والقاضي “مارك تريفيدك”، المتخصص في قضايا مكافحة ما يسمى بـ”الإرهاب”.
ومن المتوقع أن يواجه الحظر المقترح للبرقع في الأماكن العامة عقبات قانونية؛ حيث يتعارض مع البند الـ34 من الدستور الفرنسي، والذي ينص على حرية إظهار المعتقدات الدينية، كما أنه يمكن الطعن فيه أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان؛ حيث يتعارض مع حقوق الإنسان الأساسية ومنها حرية اللباس.
الأقلية المسلمة في فرنسا أبدت بدورها تخوفها من النقاش الدائر على الساحة الفرنسية حاليا بشان البرقع واعتبر البعض أن إثارة كل هذا الجدل حول هذه القضية إنما هو في الحقيقة تمهيد لخطر مستقبلي بعيد المدى لحظر الحجاب في الأماكن العامة، وعبر عن هذا القلق منظمة “ائتلاف مقاومة الإسلاموفوبيا و”المنتدى الفرنسي للأئمة”.
بداية الجدل
وكان الرئيس الفرنسي “نيكولا ساركوزي” قد فتح الباب أمام إمكانية حظر البرقع في شهر يونيو من العام الماضي عندما صرح لوسائل الإعلام بأن “البرقع ليس موضع ترحيب في فرنسا”، وأصدر توجيهاته لأعضاء البرلمان بتشكيل لجنة تحقيق برلمانية” لـ”تقييم وضعية لبس البرقع من أجل فهم أفضل للظاهرة، وتقديم الاقتراحات بهدف مقاومة هذه الأمور التي تمثل تهديدا للحريات الخاصة على التراب الوطني”، حسب المسئولين الفرنسيين.
ومن المقرر أن تعلن اللجنة قريبا عن نتائج أعمالها بعد أن أنهت يوم 16- 12- 2009 نقاشات دامت 6 أشهر استمعت خلالها لإفادات أكثر من 50 شخص بين علماء اجتماع وقانون ووزراء وعلماء دين مسلمين ومنتقبات وممثلين عن الجمعيات الحقوقية.
يشار إلى أن المطالب بحظر ارتداء البرقع في فرنسا تأتي بعد أقل من 6 سنوات (مارس 2004) من قيام هذا البلد بسن قانون يمنع ارتداء “الرموز الدينية” في المدارس الحكومية وبينها الحجاب، وفقا لتصنيف القانون.
وبحسب تقرير صدر عام 2004 من قبل خدمات الاستخبارات الفرنسية فإن عدد من يرتدين البرقع في فرنسا يصل إلى نحو 4 آلاف امرأة، أما وزارة الداخلية الفرنسية فقد قدرت عدد من يرتدين البرقع في البلاد بنحو 2000 امرأة فقط.
واتخذ مجلس الإفتاء الأوروبي قرارًا الشهر الماضي بخصوص البرقع كرسالة موجهة للحكومات الغربية، وهو أن “النساء اللاتي يردن البرقع فهذا من الحقوق الشخصية التي يجب أن تراعى، ولا ينبغي فرض قانون يمنع تلك الحرية”.
ويعيش في فرنسا حوالي خمسة ملايين مسلم من أصل ما يزيد عن 64 مليون نسمة، وهي أكبر أقلية مسلمة في أي دولة أوروبية.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *