تحدثنا سابقًا عن دور ماركس وفرويد في تشكيل الفكر الغربي الجديد والمبني على نظرية التطور التي وضعها داروين، واليوم لا نبتعد كثيرًا عن ذلك، فهناك باحث آخر ولكن في علم الاجتماع قام ببناء نظرية اجتماعية على أساس المبادئ التي وضعها داروين في نظرية التطور، وكان دافعه كصاحبيه هو إفساد أوروبا وترسيخ اللادينية وذلك بسبب يهوديته، كان ذلك الشخص هو: دوركايم.
من هو دور كايم؟
هو إميل دوركايم يهودي فرنسي، عاش ما بين (1858–1917م) وتخصص في علم الاجتماع، كان أستاذًا بالسوربون، ويظهر أن حال دور كايم كحال فرويد من قبله، وأن القيادات اليهودية السرية قد دفعته لإيجاد أفكار في مجال تخصصه، وهو علم الاجتماع، من شأنها تنفيذ المخطط اليهودي العام الرامي إلى هدم أسس الدين والأخلاق في مختلف الأمم والشعوب.
وبوسائل مختلفة متعددة وكثيرة، دعمت الدعاية وأجهزة الإعلام اليهودية رجلها الموجه دوركايم، ورفعته إلى مرتبة غير عادية، حتى صار عند المؤرخين رائد علم الاجتماع بعد كونت، وأمسى رئيس المدرسة الاجتماعية الفرنسية.
كيف ساهم دور كايم في بناء اللادينية؟
أخذ دوركايم بادئ ذي بدء فكرة التطور الدائم من الداروينية التي تلغي فكرة الثبات، وأخذ عنها فكرة (القهر الخارجي) الذي يقهر الفرد على غير رغبة ذاتية منه، فيطوِّره.
وأخذ عنها التفسير الحيواني للإنسان، فهو لا يفتأ يستشهد في كل حالة بما يحدث في عالم الحيوان، ولم يقل داروين بطبيعة الحال شيئاً مما قاله دوركايم، ولا كان من شأنه أن يقول، ولكن دوركايم أخذ الإيحاء الحيواني لنظريته، ومده مَدَّة واسعة فشملت الحياة كلها، تحت ستار من البحث العلمي في علم الاجتماع.
قام دور كايم بالجمع بين حيوانية الإنسان وماديته بنظريته في (العقل الجمعي) التي تقول: “إن الإنسان حيوان خاضع إلى (الجبرية الاجتماعية)، أو قهر اجتماعي يفرضه عليه العقل الجمعي للقطيع البشري، ويستمد شواهده المؤيدة من عالم الحيوان ومجتمع الحيوان” قواعد المنهج في علم الاجتماع لدوركايم.
فهو لا يعترف أن الكيان النفسي للفرد هو أساس الحياة الاجتماعية، بل العكس في نظره أقرب إلى الصواب، إن الحياة الاجتماعية هي التي تشكل مشاعر الفرد، وعليه فلا يجوز أن نفسر الحياة من نفسية الفرد كما يصنع علم النفس كله، وإنما ينبغي أن نفرق بين الظاهرة النفسية والظاهرة الاجتماعية تفريقاً كاملاً، حتى وإن قام بينهما أحياناً نوع من الاتصال.
فدوركايم ينفي أن يكون الدين والزواج والأسرة فطرية في الإنسان، وإنما هي من عمل (العقل الجمعي) ذي السطوة القاهرة على الأفراد، وهذا العقل دائم التغير والتطور والتشكل، فإذا قال العقل الجمعي في طور من أطواره: ليكن دين أو زواج أو أسرة فليكن ذلك، أما إذا قال حسب هواه: ليكن لا دين ولا زواج ولا أسرة، فسرعان ما يخضع الأفراد لقهره فينسلخون من دينهم وأخلاقهم وتقاليدهم.
كما أن العواطف المتعلقة بها -حسب زعمه- ليس مصدرها الله أو الدين كما يتصور الناس، يقول دوركايم: “لا تمتاز العواطف التي تتعلق بالظواهر الاجتماعية في شيء عن الظواهر الأخرى على مر العصور، وهي وليدة التجارب الإنسانية ولكن أي تجارب؟!” قواعد المنهج في علم الاجتماع لدور كايم، (ص:203).
بقي لنا أن نكمل الحديث عن دور إميل دوركايم في بناء اللادينية؛ نرجئه إلى الحلقة القادمة بحول الله تعالى.