لماذا اخترنا الملف؟

ليس التدين ضميرا مستترا في القلب ومنفصلا عن أعمال الجوارح، بل إن ما في القلب لا بد أن يتمثل في الظاهر ويتصل بالسلوك الخارجي والعكس، قال صلى الله عليه وسلم: “ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي: القلب”.
لقد مثلت عودة الحجاب إلى ساحة الممارسة ملمحاً أساسياً من ملامح عودة المجتمع إلى التمسك بدينه، وأصبح الالتزام بفريضة الحجاب معيارا لقياس مدى تمسك بنات المجتمع الواحد بالشريعة الإسلامية السمحاء.
فرغم المضايقات التي تتعرض لها المرأة المحجبة في ميادين الدراسة والشغل..، ورغم الشبهات والشهوات التي عمَّت شتى أنحاء المجتمع، ورغم التضييق الواسع على العلماء والدعاة وعدم تمكينهم من المنابر الإعلامية، يقبل الكثير من النساء المغربيات المسلمات على ارتداء الحجاب.
هذا ما دفع العلمانيين من خلال وسائل الإعلام التي يسيطرون عليها إلى التساؤل بعمق عن سبب هذا الإقبال الواسع العريض على ارتداء الحجاب منذ السبعينيات.
وهو تساؤل معكوس في حقيقته، إذ السؤال الذي كان يجب أن يطرح في بلد دينه الرسمي الإسلام منذ خمسة عشر قرنا هو: كيف خلعت المرأة المغربية حجابها؟
فمن خلال برنامج تحقيق الذي أعدته القناة الثانية 2M حاول معدُّو البرنامج وضيوفُه جاهدين أن يمرروا مجموعة من المفاهيم المغلوطة حول فريضة الحجاب، من جملتها أن الحجاب لا علاقة له بالدين إنما هو “ظاهرة مرتبطة بعوامل اجتماعية وثقافية، وتمظهُر سلوكي نسبي يتعذر باختلاف الفضاءات والأمكنة”، وأنه من المسائل الخلافية غير المحسوم فيها بين العلماء والفقهاء.
فالقناة الثانية التي تمول بأموال الشعب المغربي المسلم يجب عليها أن تحترم أحكام دينه ومعتقداته وممارساته لا أن تحاربها.
لقد باتت شبهة “إعادة قراءة النصوص قراءة جديدة تتواكب مع متطلبات العصر الذي نعيشه” ديدن العلمانيين في كل خرجاتهم الإعلامية، فلا يكاد يمرُّ برنامج يتطرق لأمر الدين من قريب أو بعيد إلا وأصرَّ بنو علمان على تمرير هذه الشبهة إلى المستمعين أو المشاهدين.
وفي خضم هذه الدعوة المحمومة من طرف العلمانيين إلى السفور ونبذ الحجاب والتشكيك في أحكامه المجمع عليها في المذهب المالكي وبين مذاهب الإسلام قاطبة، يلاحظ المغاربة أن وزارة الأوقاف وما ينضوي تحتها من مؤسسات رسمية للعلماء قد التزمت الحياد، وكأنها أذعنت لمطالب العلمانيين بإخراج فريضة الحجاب من المجال الديني والمجال السياسي معا، كما ورد في التحقيق الذي أعدته القناة الثانية.
فقضية الحجاب اليوم وما يدور حولها من نقاش وجدال يبين أنها لم تعد قضية فرعية ومسألة خلافية فيها الراجح والمرجوح بين أهل العلم، ولكنها باتت قضية عقدية مصيرية ترتبط بالإذعان والاستسلام لشرع الله عز وجل في كل صغيرة وكبيرة، وعدم فصله عن شؤون الحياة كلها؛ لأن ذلك هو مقتضى الرضى بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً.
من هذا المنطلق أعدت جريدة السبيل هذا الملف.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *