الشباب والصيف وصلاحه واجب على علماء الأمة إبراهيم الوزاني

كالعادة فقد فتح الصيف أبوابه على السهرات الغنائية، والموسيقى الصاخبة، وشواطئ تغض بالأجساد العارية، والممارسات المنحرفة والسلوكات الشاذة. انغماس في الشهوات والملذات المحرمة، ومعاقرة للموبقات والفواحش المنكرة، خمر ومخدرات.. ورقص ومجون.. وتضييع للأوقات في ما لا يجدي بل فيما يضل ويعمي.

هكذا صار حال شبابنا اليوم بعد أن ماجت به في بحر الدنيا أمواجُ النظم المادية العلمانية، والإعلام المنحرف المطبع للفاحشة المشجع على اقترافها؛ وألهته سياسات التتفيه والتسفيه التي ابتلي بها.
فحال شبابنا لا يخفى على ذي عينين؛ والمؤامرة الكبرى التي تحاك ضده تقض مضجع كثير من الغيورين والأحرار؛ الأمر الذي يستدعي تدخل العلماء وقيامهم بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإصلاح والتوجيه والتحذير من كل مظاهر انحراف الشباب، حتى يؤدي السادة العلماء المهمة التي انتدبهم الله عز وجل لها؛ لكن وللأسف الشديد فالساحة الوطنية تشهد غيابا غير مبرر للعلماء الرسميين، وكأن الحال يوحي باستسلام بعضهم لموجة العلمنة ومظاهر التغريب التي يغرق فيها الشباب وغيرهم.
وهذا بخلاف ما عرف عن علماء المغرب الأشاوس؛ الذين حرصوا دوما على الصدع بالحق؛ وبيان الحق بحق؛ وكشف المخططات الرامية إلى مس بدين البلد وعقيدته ووحدته وسلطته وشعبه؛ وكان العلماء في المغرب يمثلون دوما الحضن الدافئ والملاذ الآمن للشريحة الشباب؛ وقد بين العلامة عبد الله كنون الأمين العام السابق لرابطة علماء المغرب رحمه الله تعالى؛ في المؤتمر الخامس للرابطة المنعقد سنة 1975م بتطوان في كلمة له حول الشباب وما يهددهم من أخطار الانحراف؛ دور العلماء في تأطير الشباب ودور الشباب في تحمل المسؤولية والرجوع إلى العلماء والاستفادة منهم قائلا:
“وتثار هنا قضية انحراف الشباب وتقصير العلماء في واجبهم نحوه وعرض القضية على هذا الوجه معكوس، فالشباب كغيره من أفراد مجتمع مسؤول أمام الله قبل غيره، ومطالب بالبحث عن الحقيقة والنظر فيما يجب عليه من عقيدة وسلوك إسلاميين بحكم انتمائه إلى هذا الدين الحنيف، وهل ثبت أن فئة من الشباب ذهبت إلى عالم ما مستفسرة عن دينها وطالبة معرفة موقف الإسلام من المشاكل التي تعترضها فردها ذلك العالم وقال لها ليس عندي لك جواب ولا أجد لمشاكلك حل؟
لماذا لا يحرص الشباب على تحصيل ما يجهله من أمر دينه كما يحرص على ما يهمه من أمر دنياه؟
لماذا نعفيه من المسؤولية ونلقيها على غيره لنزيده إمعانا في الانحراف؟
إن الذين يترددون على مجالس العلماء يتفقهون في أمر دينهم ويتثبتون من صحة عقيدتهم، وفي هذا الميدان نجد عمل العلماء لا كفاء له في النصح لله ورسوله ولخاصة المسلمين وعامتهم، ولا نبالغ إذا قلنا أن ما نراه في العالم الإسلامي من مظاهر التدين وما بقي في بعض الأوساط من إثارة الخلق الإسلامي إنما هي نتيجة لعمل العلماء، ومجهود العلماء؟
وإذن فلنقدر مهمة العلماء حق قدرها، ولنهيئ منهم ما نستطيع لمواجهة هذه التيارات الخطيرة ولنوازن بين مطالب الروح والجسد كما يرشدنا إلى غير ذلك ديننا الحنيف، إن العلماء يعلموننا الإيمان والإحسان وبرور الوالدين وطاعة أولي الأمر، ويكرهون إلينا الكفر والفسوق والعصيان، ويحيون ضمائرنا، ويبثون خشية الله في نفوسنا، ومع خشية الله يقوى الوازع الديني، فينبعث الإنسان إلى الخير وينكف عن الشر، وليس فوق ذلك مظهر للمجتمع الفاضل الذي هو طلبة الحكماء والفلاسفة”. (كتاب مواقف وآراء رابطة علماء المغرب ص:263-264).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *