تطور قضية الكركارات في حوالي سبعة أشهر

مطلع غشت الماضي: حرب كلامية وتوتر عسكري
أدت عدة استفزازات من طرف عناصر البوليزاريو، خاصة تلك التصريحات التي أدلى بها، محمد خداد٬ أحد قيادات جبهة البوليساريو، بعد لقائه بالرئيس الموريتاني٬ مطلع غشت 2016، حين قال إن “الكويرة أرضا صحراوية”، خاصة بعد رفع العلم الموريتاني على أرض الكويرة، إلى توتر الوضع جنوب المملكة، وتحريك قوات عسكرية مغربية إلى المنطقة الحدودية الفاصلة بين المغرب وموريتانيا٬ وتحديدا منطقتي “قندهار” و”الكركارات”.
وفي الوقت الذي نقلت مصادر موريتانية أن الجيش الموريتاني سيرد على أي تحرك مغربي نحو الكويرة، نشرت منابر تابعة للبوليساريو بأن حركة عسكرية غير عادية في صفوف البوليزاريو٬ بدت معالمها٬ بعد التحركات المغرب العسكرية٬ باتجاه الحدود الموريتانية.

منتصف غشت: المغرب يطهر المنطقة من المهربين
قامت المصالح الأمنية وعناصر الجمارك، ابتداء من يوم الأحد 14 غشت، بتنظيم عمليات تطهيرية بمنطقة “الكركارات”، قرب الحدود المغربية الموريتانية، بجنوب المملكة، وذلك للحد من أنشطة التهريب والتبادل التجاري غير المشروع التي تعرفها المنطقة.
وفي أول بلاغ رسمي، أكدت ولاية جهة الداخلة وادي الذهب، يوم الثلاثاء 16 غشت، أن هذه العمليات، مكنت من إخلاء ثلاث نقط تجمع لهياكل السيارات والشاحنات المستعملة، والتي ضمت أزيد من 600 سيارة، مؤكدا أنه تم تطهير المنطقة من جميع أشكال التجارة غير القانونية وممارسيها.
وكانت مصادر إعلامية، أفادت في وقت سابق، قيام السلطات المغربية، بتطهير منطقة “قندهار”، حيث تمت هذه العملية بموافقة موريتانية، وكذا بإذن من الأمم المتحدة، وذلك بالنظر للتهديدات الأمنية لهذه البؤرة الحدودية التي تحولت في السنوات الأخيرة لمنطقة خارج السيطرة يتم الترويج بها لبعض الأعمال الغير شرعية كتهريب السيارات وتزوير وثائقها.

أواخر غشت: المغرب يشق طريقا معبدا في المنطقة
شرع المغرب في تعبيد طريق برية جديدة تربط بينن وبين شمال موريتانيا مباشرة بعد عملية “قندهار” التطهيرية. وأتت الخطوة رغم التوتر الدبلوماسي بين البلدين، فيما هددت جبهة البوليساريو باتخاذ ما قالت إنها إجراءات تصعيدية في المنطقة ردا على الخطوة المغربية.
وبدأت السلطات المغربية تعبيد طريق بري جديد يربط جنوب المغرب بشمال موريتانيا عبر نقطة العبور المغربية “الكركرات” مع نقطة الحدود الموريتانية، بعد أن ظل هذا الجزء من الطريق صعبا على مرور السيارات والشاحنات، بسبب وعورته، مما كان يؤثر على انسياب حركة المرور، وهو ما دفع بالمغرب إلى الشروع في تعبيده، بالرغم من الجمود الدبلوماسي بين البلدين.

البوليزاريو تمنع المغرب من إتمام الأشغال
توصل موقع “هوية بريس”، بصور تبين الوضع المتوتر بين الجيش المغربي، وجبهة البوليساريو، بلغ حد توجيه هذه الأخيرة، أسلحتها الثقيلة تجاه الجيش المغربي، ونصب مدفعيتها باتجاه الداخل المغربي.
جاء ذلك بعد بدء المغرب تعبيد الطريق الذي يشق المنطقة، وطرد المهربين منها، وتنقيتها من كل أشكال التهريب والاتجار غير القانوني.
وتدخلت وحدات مسلحة تابعة لجبهة البوليزاريو، صباح يوم الأحد 28 غشت 2016 من أجل إيقاف أشغال الترميم التي تقوم بها المملكة المغربية بمنطقة الكركرات، أو ما يصطلح عليه إعلاميا بمنطقة قندهار. حسب وكالة الأخبار الموريتانية (مستقلة).
واعتبر الأمين العام للجبهة “إبراهيم غالي” أن القوات المغربية التي قامت باختراق الجدار من منطقة الكركارات، مدعومة بمعدات للنقل والهندسة العسكرية ومرفقة باستطلاع جوي، وقعت في خرق جديد وخطير للاتفاقية العسكرية، القاضية بوقف إطلاق النار بين الجانبين. وذلك في رسالة بعث بها إلى الأمم المتحدة نشرت على الموقع الإلكتروني للجبهة.
وأكد “يوسف أحمد” عضو قيادة الأركان العامة (بجبهة البوليزاريو)، في أول تصريح يصدر عن مسؤول عسكري صحراوي (أدلى به لأحد المواقع الموريتانية)، حول التطورات الجارية أن (الجيش الصحراوي) دفع بعدد من قواته، إلى المنطقة وأقام حواجز عسكرية قرب الجدار لمراقبة الوضع عن قرب ومنع أي تقدم مغربي محتمل، مشددا على غياب أي دور لقوات بعثة الأمم المتحدة رغم التواصل الذي تم معها من قبل الجبهة وإبلاغها رسميا بخرق الطرف المغربي لاتفاق وقف إطلاق النار حسب وصفه.

التدخل الأممي
أعرب الأمين العام السابق للأمم المتحدة “بان كي مون” عن قلقه البالغ إزاء الوضع المتوتر في القطاع العازل.
ودعا الأمين العام للأمم المتحدة الطرفين إلى وقف أي أعمال تغير الوضع الراهن، وسحب جميع العناصر المسلحة لمنع حدوث مزيد من التصعيد.
وشدد الأمين العام على أهمية امتثال الطرفين لالتزاماتهما، وفق الاتفاق العسكري رقم 1، وعلى الحاجة لاحترام نص وروح اتفاق وقف إطلاق النار.

ما أسفرت عنه التطورات على الأرض نهاية غشت
بحسب ما نشره بعض الانفصاليين حينها على مواقع التواصل الاجتماعي فإن:
– الأشغال المغربية توقفت، وعادت الجرافات والآليات خلف الجدار العازل.
– القوات الصحراوية ترسم خطا فاصلا، بينه وبين الجدار مسافة 200 متر فقط، وتشعر الجنود والعمال المغاربة بعدم تجاوزه.
– القائد العسكري للمينورسو يصل رفقة نائب الأمين العام للأمم المتحدة، المكلف بملف الصحراء الغربية الى منطقة الكركارات واجتماعهما بالقادة العسكريين للبوليساريو.
ونشر النشطاء الانفصاليون صورا لما قالوا أنها لعلم البوليزاريو يرفرف في سماء الگرگرات المحررة، حسب وصفهم.
ونقلت بعض مواقعهم الإلكترونية أن قادة البوليساريو، يضعون اللمسات الأخيرة، على عملية نقل أكثر من 800 أسرة لتستقر في مخيمات بدأ تأهيلها في منطقة “الكركارات”.
وذكرت أن الجيش الصحراوي أشرف على مسح المنطقة وتنظيفها من الألغام، وأنه سيشرف على نقل سكان المخيمات وترتيب إقامتهم في منطقة “الكركارات” بشكل دائم ومستقر.

ما بعد غشت: استفزازات مستمرة وخروج المنطقة على السيطرة
بعد إيقاف أشغال التعبيد، أصبح الإعلام الانفصالي، ينشر باستمرار صور وفيديوات تواجد وتنقل العناصر المسلحة للبوليزاريو، بالمنطقة، وأيضا ما يشبه الثكنات ومراكز المراقبة، وأعلام الجبهة ترفرف على الكثبان والتلال.
وتم توثيق وصول العناصر المسلحة للبوليزاريو إلى شواطئ المحيط الأطلسي، بصور عديدة، تداولتها مواقع إلكترونية، ومواقع التواصل الاجتماعي، طيلة الأشهر التي أعقبت شهر غشت الماضي، إلى مطلع يناير.

يناير 2017: الجيش المغربي يطرد عناصر البوليزاريو، ويؤدب بعض العسكريين المقصرين
نجح الجنرال عروب بالمنطقة الجنوبية، نهاية الأسبوع الأول من شهر يناير، في طرد مئات العناصر من البوليساريو من الكركرات، حيث شوهدت كتيبات مشكلة من أزيد من 80 سيارة وشاحنات عسكرية، تعود إلى أماكنها.
وأوردت مصادر إعلامية أن تعليمات أعطيت لفرقة خاصة، من بينها فرقة المشاة المظليين، إلى الانتقال إلى النقطة التي شهدت توترا غير مسبوق لرفع درجة الاستنفار، في حين صدرت قرارات تأديبية من طرف قيادة الجيش في حق مسؤولين تبين تقصيرهم إثر الأحداث الأخيرة التي شهدتها منطقة الكركارات.

نهاية فبراير 2017: عناصر البوليزاريو تعترض شاحنات مغربية
قامت عناصر مسلحة للبوليزاريو يوم الجمعة 24 فبراير، كما أظهرت مقاطع تم تداولها عبر وسائط التواصل، باعتراض شاحنات مغربية بمنطقة الكركرات، ومنعها من المرور نحو موريتانيا، بسبب حملها لأعلام مغربية.
وتظهر الفيديوهات المتداولة، توعد عناصر من البوليساريو بزي عسكري السائقين المغاربة بعدم السماح لهم بالمرور إلا حين التخلي عن الأعلام المغربية، وعدم رسم خريطة المغرب على شاحناتهم.
ويظهر في فيديو سائق شاحنة مغربي، يدعى أمغار عبد الكبير، كشف تعرضه للسب والشتم والتوقيف من طرف عناصر البوليساريو، بسبب رسم خريطة المغرب على ظهر شاحنته.

الملك يحذر من خطورة الوضع الأمني
كشف بلاغ للديوان الملكي، أن الملك محمد السادس، طلب من الأمين العام للأمم المتحدة، اتخاذ إجراءات عاجلة للحد من بعض الممارسات التي تهدد اتفاق وقف إطلاق الناري وحالة الاستقرار الإقليمي بالصحراء المغربية.
ونبه الملك محمد السادس، الجمعة 24 فبراير، خلال مكالمة جمعته مع أنطونيو غوتيريس، الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة، إلى خطورة الوضع الأمني في منطقة الكركرات بالصحراء المغربية، جراء استفزازات جبهة البوليساريو الانفصالية.
وسجل البلاغ “هذه الممارسات جاءت شهرا واحدا قبل عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي، وذلك من أجل خلق البلبلة وإجهاض عودة المملكة”.
وأثار الملك خلال هذا الاتصال، انتباه غوتيريس إلى الوضعية الخطيرة التي تسود منطقة الكركارات بالصحراء المغربية، بسبب توغلات متكررة للعناصر المسلحة للبوليساريو، وأعمالهم الاستفزازية.
ودعا محمد السادس غوتيريس إلى “اتخاذ الإجراءات العاجلة واللازمة لوضع حد لهذا الوضع غير المقبول، والذي يهدد بشكل جدي وقف إطلاق النار، ويعرض الاستقرار الإقليمي للخطر”.
وأورد الديوان الملكي بأن وزارتي الشؤون الخارجية والتعاون والداخلية والمفتشية العامة للقوات المسلحة الملكية كانت قد أشعرت، في مناسبات عدة، المينورسو والأمم المتحدة بهذه الأعمال التي تتم بشكل مقصود، بهدف خلق البلبلة، وفي محاولة يائسة لنسف هذا المسلسل”.

الأمم المتحدة ترد
دعا الأمين العام للأمم المتحدة يوم السبت 25 فبراير، بعد المكالمة الملكية. جميع الأطراف لـ “ممارسة أقصى درجات ضبط النفس واتخاذ جميع التدابير اللازمة لتجاوز تصعيد التوترات، بشكل يسمح باستئناف الحوار في إطار العملية السياسة التي تقودها الأمم المتحدة”.

الجيش المغربي ينسحب بشكل مفاجئ وأحادي من الكركارات
أعلن المغرب عن قيامه بانسحاب أحادي الجانب من منطقة الكركارات، بناء على تعليمات صادرة عن الملك محمد السادس، يوم الأحد 26 فبراير.
وقال بلاغ صادر عن وزارة الشؤون الخارجية والتعاون إن الرباط أخذت علما، باهتمام، بـ”التصريح الصادر عن المتحدث باسم الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة بشأن الوضعية الخطيرة في منطقة الكركارات بالصحراء المغربية”.
واسترسل البلاغ: “في هذا السياق، وبتعليمات من الملك، وبهدف احترام وتطبيق طلب الأمين العام بشكل فوري، ستقوم المملكة، ابتداء من اليوم، بانسحاب أحادي الجانب من المنطقة”.
“المغرب يأمل أن يمكن تدخل الأمين العام للأمم المتحدة من العودة إلى الوضعية السابقة للمنطقة المعنية، والحفاظ على وضعها، وضمان مرونة حركة النقل الطرقي الاعتيادية، وكذا الحفاظ على وقف إطلاق النار، وتعزيز الاستقرار الإقليمي”، تزيد وزارة الشؤون الخارجية والتعاون.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *