البركة محرّكة: هي النماء والزيادة. (العين للخليل).
قال في أبو البقاء: حسية كانت أو معنوية وثبوت الخير الإلهي في الشيء ودوامه ونسبتها إلى الله تعالى على المعنى الثاني. (الكليات للكفوي).
وزاد الفراء: والسعادة؛ وبه فسر قوله تعالى: {رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت} لأن من أسعده الله تعالى بما أسعد به النبي صلى الله عليه وسلم فقد نال السعادة المباركة الدائمة. (تاج العروس).
وقال الأزهري: ومعنى البركة: الكثرة في كل خير. (تهذيب اللغة).
والعرب تقول للسائل بورك فيك يقصدون بذلك الرد عليه لا الدعاء له. (الكليات).
ولا تسمى البركة بركة إلا من حيث لا يوجد بالحس ظاهرا، فإذا عهد من الشيء هذا المعنى خافيا عن الحس، قيل هذه بركة. (الفروق للعسكري).
قال الراغب: ولما كان الخير الإلهي يصدر من حيث لا يحس، وعلى وجه لا يحصى ولا يحصر قيل لكل ما يشاهد منه زيادة غير محسوسة: هو مبارك، وفيه بركة.
قال النووي: عند قوله تعالى: {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ}، قيل: معناه ثبت الخير عنده.
ومن الجدير بالذكر -هنا- أن البركة ليس بالضرورة أن تكون دائمًا مقصورة على الشيء الكثير فقط، بل قد تكون في الشيء القليل كما تكون في الشيء الكثير.
وهذا ما أشار إليه الحافظ ابن حجر عند حديث حكيم بن حزام الذي جاء فيه: “ومن أخذه -يعني المال- بإشراف نفس لم يبارك فيه، كالذي يأكل ولا يشبع..”.
قال الحافظ : فيه ضرب المثل لما لا يعقله السامع من الأمثلة، لأن الغالب من الناس لا يعرف البركة إلا في الشيء الكثير فبين بالمثال المذكور أن البركة هي خلق من خلق الله تعالى، وضرب لهم المثل بما يعهدون (فتح الباري 3/337).
ومن المهم أن يعلم أيضًا أن البركة قد تكون جلية، وقد تكون خفية، كما قد تكون مثوبة أخروية.
فالبركة الجلية: هو ما يشاهد كثيرًا بالعادة من كثرة الخير وسوق الرزق للإنسان، ونمائه عند صاحبه وما يرافق ذلك من توفيق، وتيسير في الحصول على الرزق، ونحوه.
والبركة الخفية: قد تكون بدفع المضرات والجوائح والآفات عن الرزق، وعدم تعرض الإنسان للحوادث المرورية مثلاً أو الأمراض الخطيرة.. وقد ذكروا بأن الغنم أو الأنعام إذا أنتجت الإناث فهذا من البركة الخفية لأنها تنمو وتتضاعف، وإذا أنتجت الخراف أو الذكور فهذا من المحق الخفي. والله أعلم (قد ألمح لشيء من هذا المعنى كل من النووي في (شرح مسلم) 16/141، والمباركفوري في (تحفة الأحوذي) 6/177، والمناوي في فيض القدير 5/503).
وأما البركة الأخروية فهي النماء ومضاعفة الأجر في الأعمال الصالحة فهذا واضح ويلحظ ذلك في كثير من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية. (البركة في الرزق والأسباب الجالبة لها في ضوء الكتاب والسنة الدكتور عبد الله السوالمة).