انتشار الفضائل وانزواء الرذائل زمن محمد الفاتح
“لقد انتشرت الفضائل في زمن محمد الفاتح وانحسرت الرذائل؛ فخرج جيل فيه نبل وكرم وشجاعة وعطاء وتضحية من أجل العقيدة والشريعة متطلعاً إلى ما عند الله من الثواب يخشى من عقاب الله، لقد استجاب ذلك المجتمع بشعبه ودولته وحكامه إلى ما يحبه الرحمن وإلى تعاليم الإسلام.
إن آثار تحكيم شرع الله في الشعوب والدول التي نفذت أوامر الله ونواهيه ظاهرة بينة لدارس التاريخ وإن تلك الآثار الطيبة التي أصابت الدولة العثمانية لهي من سنن الله الجارية والتي لا تتبدل ولا تتغير فأي شعب يسعى لهذا المطلب الجليل والعمل العظيم يصل إليه ولو بعد حين ويرى آثار ذلك التحكيم على أفراده وحكامه ودولته.
إن الغرض من الأبحاث التاريخية الإسلامية الاستفادة الجادة من أولئك الذين سبقونا بالإيمان في جهادهم وعلمهم وتربيتهم وسعيهم الدؤوب لتحكيم شرع الله، وأخذهم بسنن التمكين وفقه ومراعاة التدرج والمرحلية، والانتقاء من أفراد الشعب والارتقاء بهم نحو الكمالات الإسلامية المنشودة.
إن الانتصارات العظيمة في تاريخ أمتنا يجريها الله تعالى على يدي من أخلص لربه ودينه وأقام شرعه وزكى نفسه ولهذا لن يأتي فتح عظيم وفتح مبين إلا لمن توافرت فيهم صفات جيل التمكين، التي ذكرت في القرآن الكريم”. كتاب “الدولة العثمانية عوامل النهوض وأسباب السقوط” د. علي الصلابي (ص:143-144).
الداماد إبراهيم باشا والحضارة الغربية
“كان عدد قليل من العثمانيين قد نادى بالإصلاح للوصول إلى الوسائل التي حققت بها أوروبا قوتها خاصة في التنظيم العسكري والأسلحة الحديثة. وكان الداماد ابراهيم باشا الذي تولى الصدارة العظمى في عهد السلطان أحمد الثالث (1115-1143هـ/1703-1730م) هو أول مسؤول عثماني يعترف بأهمية التعرف على أوروبا، لذا فإنه أقام اتصالات منتظمة بالسفراء الأوروبيين المقيمين بالآستانة، وأرسل السفراء العثمانيين إلى العواصم الأوروبية، وبخاصة فيينا وباريس للمرة الأولى. وكانت مهمة هؤلاء السفراء لا تقتصر على توقيع الاتفاقات التجارية والدبلوماسية الخاصة بالمعاهدات التي سبق توقيعها، بل أنه طلب منهم تزويد الدولة بمعلومات عن الدبلوماسية الأوروبية وقوة أوروبا العسكرية. وكان معنى ذلك فتح ثغرة في الستار الحديدي العثماني والاعتراف بالأمر الواقع الخاص بأنه لم يعد بإمكان العثمانيين تجاهل التطورات الداخلية التي كانت تحدث في أوروبا.
وقد بدأ التأثر بأوروبا في مجال بناء القصور والإسراف والبذخ اللذين شارك فيهما السلطان أحمد ذاته بنصيب كبير، مما جعل الأغنياء وعلية القوم يسعون إلى اقتباس العادات الأوروبية الخاصة بالأثاث وتزيين الدور وبناء القصور وإنشاء الحدائق.
لقد بدأ ظهور تقليد الغرب في شهواتهم وإسرافهم تظهر للعيان وطبيعي أن تمضي فيهم سنة الله تعالى قال تعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَـكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ} (الأعراف:96).
وقال تعالى: {وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً} (الإسراء:76).
وسجلت هذه الفترة بداية الحركة الأدبية العثمانية الحديثة فنشطت حركة الترجمة إلى اللغة التركية ، كما أرسل السلطان أحمد مبعوثين إلى فرنسا للاطلاع على المصانع ومنجزات الحضارة الفرنسية. كما تم إنشاء مكتب للطباعة في استانبول”. (ص:343-344).
السلطان عبد الحميد واهتمامه بالمرأة
“..واهتم -أي السلطان عبد الحميد- بالمرأة وجعل للفتيات داراً للمعلمات ومنع اختلاطهنّ بالرجال، وفي هذا يذكر السلطان في معرض الدفاع عن نفسه أمام اتهام جمعية الاتحاد والترقي له بأنه عدو العقل والعلم بأنه: لو كنت عدواً للعقل والعلم فهل كنت أفتح الجامعة؟ لو كنت هكذا عدواً للعلم، فهل كنت أنشئ لفتياتنا اللواتي لا يختلطن بالرجال، داراً للمعلمات؟!.
وقام بمحاربة سفور المرأة في الدولة العثمانية، وهاجم تسرب أخلاق الغرب، إلى بعض النساء العثمانيات، ففي صحف استانبول في 3 أكتوبر 1883م ظهر بيان حكومي موجه إلى الشعب يعكس وجهة نظر السلطان شخصياً في رداء المرأة.
يقول هذا البيان: إن بعض النساء العثمانيات اللائي يخرجن إلى الشوارع في الأوقات الأخيرة، يرتدين ملابس مخالفة للشرع. وإن السلطان قد أبلغ الحكومة بضرورة اتخاذ التدابير اللازمة للقضاء على هذه الظاهرة. كما أبلغ السلطان الحكومة أيضاً بضرورة عودة النساء إلى ارتداء الحجاب الشرعي الكامل بالنقاب إذا خرجن إلى الشوارع. وبناءً على هذا فقد اجتمع مجلس الوزراء واتخذ القرارات التالية:
• تعطى مهلة شهر واحد يمنع بعده سير النساء في الشوارع إلا إذا ارتدين الحجاب الإسلامي القديم. وينبغي أن يكون هذا الحجاب خالياً من كل زينة ومن كل تطريز.
• يُلغى ارتداء النساء النقاب المصنوع من القماش الخفيف أو الشفاف. وبالتالي ضرورة العودة إلى النقاب الشرعي الذي لايبين خطوط الوجه.
• على الشرطة -بعد مضي شهر على نشر هذا البيان- ضمان تطبيق ماجاء فيه من قرارات بشكل حاسم، وعلى قوات الضبطية التعاون مع الشرطة في هذا.
• صدّق السلطان على هذا البيان بقراراته الحكومية.
• ينشر هذا البيان في الصحف ويعلق في الشوارع.
وفي اليوم التالي لنشر هذا البيان، أي في 4 أكتوبر قالت جريدة وَقِتْ الصادرة في استانبول:
إن المجتمع العثماني عموماً يصوِّب هذا القرار ويراه نافعاً.
وكان السلطان عبدالحميد يرى: أن المرأة لا تتساوى مع الرجل من حيث القوامة ويقول: مادام القرآن يقول بهذا، فالمسألة منتهية ولا داعي للتحدث عن مساواة المرأة بالرجل.
ويرى: إن فكرة هذه المساواة إنما جاءت من الغرب.
كما كان يدافع عن تعدد الزوجات، في وقت كان الإعلام العثماني يثير هذه القضية معترضاً عليها. ويقول السلطان: لماذا يعترض بعض المثقفين على هذا الأمر، ولماذا لا يعترضون على وجوده في أماكن أخرى غير الدولة العثمانية، في بعض أماكن أوروبا وأمريكا؟ ويؤكد السلطان: إن مبدأ تعدد الزوجات مباح في الإسلام فماذا يعني الإعتراض عليه؟.
لقد كان السلطان عبد الحميد مع تعليم المرأة ولذلك أنشأ داراً للمعلمات، لتخريج معلمات للبنات كما كان ضد الاختلاط بين الرجل والمرأة وضد سفور المرأة، ..وكان يعامل المرأة معاملة كريمة نادرة”. (ص:472-473).
أصل عدو الخلافة العثمانية الأكبر مصطفى كمال أتاتورك
صرحت طليقته لطيفة: (“..محاوِلةً إلقاء المسؤولية على أصحابه وزملائه أمثال: (قلج علي) و(نوري جنكر)، و(رجب هدى) الذين كانوا يتعمدون إهدار وقته وهم مجموعة من القتلة والأشقياء المعروفين الذين ضمهم إلى حاشيته ولحراسته وأصبح بعضهم يرفع الكلفة معه إلى أبعد الحدود بعد تنفيذهم للعديد من المهمات الإجرامية التي كلفهم بها للتخلص من بعض خصومه”.
إن تلك الأخلاق العفنة التي اشتهر بها مصطفى كمال لا تستغرب منه خصوصاً عندما نعلم أن أصله من يهود الدونمة.
فقد جاء في دائرة المعارف اليهودية: (لقد أكد الكثير من اليهود سلانيك أن كمال آتاتورك كان أصله من الدونمة، وهذا هو أيضاً رأي الإسلاميين المعارضين لكمال آتاتورك، ولكن الحكومة تنكر ذلك).
ويعلق تويني على نسب مصطفى كمال قائلاً: (إن دماً يهودياً يجري في عروق الأسرة الكمالية. فقد كانت سلانيك مهبط اليهود أيام محنتهم. وقد درؤوا عقائدهم باعتناق الإسلام. ولكن طبائع مصطفى كمال ولون عينه وتكوينه الجسمي يبعده عن أن يكون متأثراً بدماء يهودية).
ويقول أسامة عيناي: (أن الدونمة يعتزون كثيراً بآتوتورك ويعتقدون اعتقاداً راسخاً أنه منهم وحجتهم في ذلك أن أتاتورك أسفر عن نياته ضد الإسلام حين تولى الحكم).
إن أفعال مصطفى كمال دلت على بغضه للإسلام فيما بعد، فبينما كان في عام 1337هـ عندما انتصر على اليونان في أنقرة يعلن أمام الشعب: (إن كل التدابير التي ستتخذ لا يقصد منها غير الاحتفاظ بالسلطنة والخلافة وتحرير السلطان والبلاد من الرق الأجنبي)، نجده بعد أن تمكن من العباد والبلاد في عام 1341هـ/1923م تعلن الجمعية الوطنية التركية بزعامته عن قيام الجمهورية التركية وانتخب مصطفى كمال أول رئيس لها، وتظاهر بالاحتفاظ مؤقتاً بالخلافة فاختير عبد المجيد بن السلطان عبدالعزيز خليفة بدلاً من محمد السادس الذي غادر البلاد على بارجة بريطانية إلى مالطة ولم يمارس السلطان عبد المجيد أي سلطات للحكم) (ص:521-522).