نتائج وخلاصات مآل الإسلام في القراءات العلمانية

والآن بعد أن استعرضنا موقف المنظومة الفكرية العلمانية من الإسلام، واستنطقنا النصوص من مصادرها الأصلية، وتجنبنا التدخل فيها حتى لا نُتهم بالتجني والتحامل يمكننا أن نشير إلى الخلاصات الآتية التي آل إليها الإسلام في هذه المنظومة:

1-الإسلام في المنظومة العلمانية لا يفلت من قواعد التحليل التاريخي والأنتربولوجي والفلسفي، ولذلك يمكن إحالة كثير من شعائره وطقوسه إلى كونها امتداداً للأساطير القديمة.
2-كما يمكن بفعل تيار العولمة والحداثة أن ينهار الإسلام ويصبح شيئاً بالياً لا معنى له، ويتبخر مع الريح، ولكن يبقى أنه تجربة تاريخية علينا الاستفادة منها.
3-والإسلام الشائع اليوم هو الإسلام السني الأرثوذكسي وهو ليس بالضرورة أن يكون الإسلام الحقيقي لأنه لا يوجد أصلاً إسلام حقيقي، وهو ليس إلا تنظيراً دوغمائياً جاء نتيجة سلسلة من الأعمال المنجزة تاريخياً، وليس لأن الله عز وجل تكفل بحفظه واستمراره واكتماله وظهوره.
4-ولأن الإسلام لا يفلت من قواعد اللعبة التاريخية فقد جاء تلبية لحاجات الزمان والمكان والإنسان في الجزيرة العربية، وذلك حين تهيأت مكة لقبول فكرة التوحيد نتيجة لهدير الواقع، وحتمية الظروف.
5- وهكذا لعبت الظروف فيما بعد بالإسلام، وجرفته التاريخية عبر حلقاتها الاجتماعية والتطورية فمزقته شر ممزق إلى نتف عديدة فظهر الإسلام الرسمي الأرثوذكسي، والإسلام الكلاسيكي، والإسلام الأقنومي، والإسلام الشعبوي، والإسلام النظري، والإسلام الشخصي، والإسلام الإتني، والإسلام العراقي والمصري والشامي والباكستاني والشيعي والأشعري والمعتزلي وما إلى ذلك من إسلامات ضاع في ثناياها الإسلام الصافي الأول.
6- وما دام قد حصل ما حصل من تمزق الإسلام فهذا يعني بالنسبة للخطاب العلماني قابلية الإسلام لأن يعني دون حواجز، وقابليته للانفتاح دون ضوابط، وبالتالي ضياع الحدود والمفاهيم واختلاطها، وعندئذ يصبح الإيمان والإلحاد والحق والباطل معاني فضفاضة تخرج من إطار التناقض والتضاد لتدخل في حيز التماهي، وبذلك لا يبقى معنى لوجود إسلام حقيقي جوهري نموذجي لأن الإسلام يصبح ما طُبِّق في التاريخ، وهو جوهر القراءة العلمانية الذي يتلخص في أن لا نسلم بالمسلَّم به.
7- هذا الانفتاح العلماني في فهم الإسلام وتحريفه يتقبل حتى فكرة الاجتثاث المطلق للمنظومة السلفية، والوسيلة المجدية لذلك هي هدم الأصل بالأصل ذاته، واختراق المحرمات وانتهاك الممنوعات، وخلخلة المعتقدات، وطرد الماضي من ثقافتنا وكنسه من أدمغتنا لنبدأ الشروع في البناء من جديد.
8- البناء الجديد من الضروري أن يلبي حاجة كل الناس على اختلاف مشاربهم، المؤمنين منهم والملحدين، المستقيمين والمنحرفين، الأسوياء والشذاذ على حد سواء، وكل ذلك تحت مبدأ النسبية المطلقة، ومبدأ “كل شيء يجوز”، وإذا كان في الناس من يظل متطلعاً إلى التدين، ومتوهماً الحاجة إلى الروحانيات فليكن ذلك ولا بد من الاستجابة لمطالبه وذلك باختراع أسس جديدة للإسلام والإيمان تكون أكثر انفتاحاً وتواؤماً مع العقلانيات الحداثية، وطرح مفاهيم عصرية للعبادة والطقوس والشعائر تكون مرنة بلا حدود، ومعقلنة بلا سدود غيبية أو ميتافيزيقية.
هكذا تكلم العلمانيون… وهذه باختصار خلاصة القراءة العلمانية للإسلام فهل نحن بحاجة إلى نقد هذا الموقف العلماني؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *