لا يمكن لعاقل أن يستوعب كيف يمَكَّن في بلادنا لمعاول الهدم الأخلاقي والتخريب الفكري والسلوكي؟!
إذا كان عقلاء الغرب يشهدون أن التفسخ الأخلاقي والمجون إنما هو ضريبة الحضارة والرقي، وأنه غير محمود لذاته، ولذلك ينبغي أن نحد منه ما استطعنا، ولا نترك منه إلا قدر ما يجعلنا نتمتع بلذات الحياة بالمقياس الذي نراه ضروريا!
فالأمراض الجنسية غير مرغوب فيها، ولكنها ضريبة لذة الزنا، والأزمات الاقتصادية العاصفة غير محبوبة، لكنها ضريبة الحياة الرغيدة، وهكذا يقولون في الخمر والتدخين وغيرها من عوامل الضرر والضرار.
قال الدكتور الأمريكي “هوب أمرلور”: “إن الأفلام التجارية التي تنشر في العالم تثير الرغبة الجنسية في موضوعاتها، كما أن المراهقات من الفتيات يتعلمن الآداب الجنسية الضارة”، “وقد ثبت للباحثين أن فنون التقبيل والحب والمغازلة والإثارة الجنسية والتدخين يتعلمها الشباب من خلال السينما والتلفزيون” .
فإذا كانت هذه الفنون ضارة بميزان هذا الأمريكي فكيف بميزان الشرع الحنيف؟
ففي الوقت الذي يجعل الغرب من التقدم التقني والتطور المعرفي أول وأهم مكونات الحداثة والتقدم، نرى المغفلين من قومنا يجعلون زبالات الفكر وأوساخ السلوك شرطا في المجتمع الحداثي وركنا من أركان النهضة والتقدم!
وإذا كان قد ظهر عجزهم في ميادين البحث العلمي بكل فروعه وأشكاله، فإنهم ذهبوا يبحثون عن ملاذ يظهرون فيه بمظهر المبدعين والفاعلين الاجتماعيين، فترجموا فكرهم الساقط عبر السينما والفن والصحافة والإعلام، وسخروا هذه المجالات لخدمة أهدافهم الدنية.
وأسسوا توجها يهدف إلى التطبيع مع الفاحشة في مجتمعنا المغربي، في تطاول غريب وسافر على الدين والأخلاق الحميدة، ومناقضة صارخة للقانون الذي يحظر كل الأنشطة التي تمس بالأخلاق العامة.
وفي هذا الصدد أجرت مجلة نيشان -على هامش عرض فيلم: “حجاب الحب” تحقيقا يتعلق بالموضوع اتخذت له عنوانا: (الحجاب والحب من قال إن التدين يمنع الغرام)؟!
والملاحظ من هذا العنوان -وهو ما أكده المضمون- أن المراد من الفيلم نشر التطبيع مع الفاحشة في أوساط المحجبات، وتهوينها في نفوسهن!
وهكذا يشكل هذا التحقيق وما يدور في فلكه من الأعمال السينمائية والإعلامية صوتا من الأصوات التي تدعوا المحجبة الضعيفة المترددة إلى الانسلاخ والميل إلى داعي الشهوة!
وهذه سابقة خطيرة في واقع مجتمعنا.
جرائد ومجلات انبرت للدفاع عن البغاء والشذوذ وتطبيع الأخلاق الشاذة ونشر الصور المخلة بالحياء، والمطالبة بإباحة بيع الخمور علنا للمسلمين، وفتح مواخير القمار، ونشر ثقافة البغايا والعاهرات والشواذ.
لقد أصبحت منتوجاتنا السينمائية صدى لمنتجات السينما الغربية التي عملت من خلال ما تقدمه لمشاهديها على نسف منظومة القيم والأخلاق وهدم صرح العقيدة وتقطيع أواصر النسيج الاجتماعي.
إن الفوضى الجنسية التي عمت جل الأعمال الفنية سببها: نفايات “فرويد”، فلا يكاد يخلو فيلم من عرض علاقات محرمة ومشاهد لممارسة الزنا والخيانة الزوجية.. بصورة متكررة، حتى يرسخ في أذهان المشاهدين لهذه الأفلام أن هذه الممارسات حق طبيعي ومشروع لكل إنسان، لا حق لأحد في الاعتراض عليه.
إنها أهداف ترمي إلى هدم مقومات هذا المجتمع المسلم الذي يقوم على أساس حماية العرض وإنكار الزنا، يعملون جاهدين على هدم القيم والأخلاق والأعراف الكريمة القائمة على المحافظة على العرض وصون الشرف وحماية العفاف.
ورغم هذا السيل الجارف من الشبهات والوابل القاصف من الشهوات اللذان تقذف بهما السينما والصحافة العلمانية في مجتمعنا فإن الله تعالى يصنع على عينه طائفة مؤمنة يربيها لتكون آلة دفع لما يطرحه دعاة الرذيلة والفساد.
من الدين كشف الستر عن كل كاذب *** وعن كل بدعي أتى بالعجائب
ولـو رجـال مؤمنون لهـدمـت *** صوامع دين الله من كل جانب
يطرحون شبهاتهم وكأنها مسلمات يجب الأخذ بها والتسليم لها علما أنها مخالفة للشرع والقانون، يريدون أن يجعلوا من الممثلين والممثلات مثلا أعلى للشباب، مع خوف شديد ينتابهم من مجرد سماع كلمة: دين، لأنهم يدركون جيدا أن الدين إذا دخل معهم دائرة الصراع، وكان أهله ممتثلين له قائمين به، فالنتيجة محسومة معروفة.
على كل حال، وحتى إذا التبس الأمر بخصوص مثل هذه المنابر الهدامة على بعض الناس فلينظر وليتفكر في ما سينتجه طرح مثل هذا الفكر داخل مجتمعنا، لن ينتج إلا مزيدا من الانحراف وانتشار واسع لشبكات الدعارة والشذوذ والأمراض المنتقلة جنسيا، واختلاط الأنساب وانحراف الشباب وتقليل الزواج وغيرها من البلايا والرزايا.
ولبيان الأسباب الحقيقية وراء الهجمة الشرسة على الحجاب في الإعلام والسينما ارتأت جريدة السبيل فتح ملف حول هذا الموضوع.