شروط تغيير المنكر عند علمائنا المالكية

نص علماء المذهب المالكي كابن رشد في البيان والتحصيل، والعقباني في تحفة الناظر، والنفراوي في الفواكه الدواني، والخرشي في وشرح مختصر خليل، والقرافي في الذخيرة، وابن جزي في القوانين الفقهية، وابن المناصف في تنبيه الحكام والونشريسي في المعيار وغيرهم أن لتغيير المنكر شروطا، وهي:
1- أن يكون المغير مسلما.
2- مكلفا.
3- قادرا على القيام به.
4- أن يكون عالما بالمنكر وصفة تغييره، فمن لا معرفة له بالمعروف ولا المنكر لا يأمر ولا ينهى.
5- أن يأمن أن يؤدي إنكاره إلى منكر أكبر منه، وإلا لم يجز له أمر ولا نهي.
6- أن يعلم أو يغلب على ظنه الإفادة، وإلا لم يجب عليه أمر ولا نهي، لكن يستحب له.
7- أن يكون المنكر ظاهرا بحيث لا يتوقف على تجسس ولا استراق سمع ولا بحث بوجه كتفتيش دار أو ثوب، لحرمة السعي في ذلك.
8- أن يكون المنكر مجمعا على تحريمه أو يكون مدرك عدم التحريم فيه ضعيفا كالنبيذ.
قال شهاب الدين القرافي في الذخيرة (13/303): وفي الجواهر: إنما يؤمر بالمعروف وينهى عن المنكر بثلاثة شروط:
الأول: أن يعلم ما يأمر به وينهى عنه.
الثاني: أن يأمن أن يؤدي إنكاره المنكر إلى منكر أكثر منه، مثل أن ينهى عن شرب الخمر فيؤول نهيه عنه إلى قتل النفس ونحوه.
الثالث: أن يغلب على ظنه أن إنكاره المنكر مزيل له وأن أمره بالمعروف مؤثر فيه ونافع.
وفقْد أحد الشرطين الأولين يمنع الجواز، وفقد الثالث يسقط الوجوب ويبقى الجواز والندب.
ونحوه في الفروق (4/1398) قال: فعدم أحد الشرطين الأولين يوجب التحريم، وعدم الشرط الثالث يسقط الوجوب ويبقي الجواز والندب. (انظر كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عند المالكية للأستاذ مصطفى باحو).
واختلف العلماء في العدالة، هل هي شرط في صفة المغير للمنكر أم لا؟
فاعتبر قوم شرطيتها، ورأوا أن الفاسق لا يغير، وأبى اعتبارها آخرون.
وذلك هو الصحيح المشهور عند أهل العلم، لأنه من الفرائض الواجبة على الشخص في رقبته كالصلاة فلا يسقطها الفسق كما لا يسقط وجوب الصلاة لتعلق التكليف به بأمر الشرع.
قال رسول الله صلى الله عليه سلم: “من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان” رواه مسلم وغيره.
وليس كونه فاسقا أو ممن يفعل ذلك المنكر بعينه يخرجه من خطاب التغيير، لأن طريق الفرضية متغاير.
قال ابن العربي المالكي في أحكام القرآن (1/350): وليس من شرطه أن يكون عدلا عند أهل السنة. وقالت المبتدعة: لا يغير المنكر إلا عدل، وهذا ساقط، فإن العدالة محصورة في قليل من الخلق، والنهي عن المنكر عام في جميع الناس. فإن استدلوا بقوله تعالى: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ} البقرة، وقوله تعالى: {كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ}الصف، ونحوه. قلنا: إنما وقع الذم هاهنا على ارتكاب ما نهي عنه، لا عن نهيه عن المنكر.. إلى آخر كلامه.
فكل أفراد المجتمع المسلم إذن معنيون بالقيام بشعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والأمر بالصلاح والنهي عن الفساد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *