وسقط القناع عن القناع ذ.الحسن العسال

نعم لقد سقط القناع عن قناع الغرب الذي كثيرا ما احتج به علينا بنو علمان من أنه راعي حقوق الإنسان في العالم، ومنذ مدة ليست بالطويلة خرج علينا وُعّاظ الاتحاد الأوربي داعين المغرب “لتحقيق مزيد من التقدم في القيم الأساسية، واحترام حقوق الإنسان”، ولما تم قتل خمسمائة مسلم في نيجيريا دعت الأمم المتحدة إلى ضبط النفس، أما دولة التسامح والسلام المسماة بالفاتيكان فقد أبدت قلقها من أعمال العنف في نيجيريا، وكذلك ومثال في غزة وأفغانستان والباكستان، لأن القتلى مجرد مسلمين لا يستحقون كل العناء ولو على مستوى شدة العبارة.
أما ونحن نعيش أحداث الثورة الليبية، ومع كل هذه المجازر التي يقوم بها شاهنشاه إفريقيا وبعدما وصل عدد القتلى عشرة آلاف مسلم، وعدد الجرحى يعلمه الله، خرج علينا وزير الخارجية الألماني باقتراح غريب يتمثل في المطالبة باستطلاع رأي يشمل الليبيين والعرب قبل الاعتراف بالمجلس الوطني الانتقالي، فيما تحدث الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) اندرس فوغ راسموسن عن عدم بروز حاجة ملحة للتدخل الآن، في نفس الوقت الذي تم فيه إرسال مساعدات إنسانية لليابان بعد ساعات قليلة من وقوع الزلزال -نسأل الله العفو والعافية- وبعد الإعلان عن موت شخص واحد فقط.
ولك أيها القارئ الكريم مقارنة سرعة الاستجابة هاته، بعدم الاستجابة مطلقا أو الاستجابة الخجولة في أحسن الأحوال، بعد زلزال وفياضانات باكستان.
افترض أيها القارئ الكريم لو أن يهوديا قتله مسلم في القمر أو في المريخ كيف سيكون رد فعل الغرب؟
إنهم يتمنون أن يستيقظوا يوما، ويجدوا المسلمين قد انقرضوا من على وجه الأرض.
وحتى الحظر الجوي أصبح مسألة معقدة، ويحتاج إلى موافقات وقوانين وإجراءات وإجماع دولي و.. وكأن الغرب خرج فجأة للوجود، لأنه ربما كان مع إمام الشيعة في سرداب سامراء، أو كأن القذافي يملك ترسانة نووية لا مثيل لها على كوكبنا. والحقيقة التي لا يمكن أن يخفيها أحد هي أن الغرب لا يتدخل إذا لم يكن هو صانع الأزمة، لأنه ببساطة لا يوقع صك التدخل الإنساني على بياض، خصوصا وأن “كبرياءه المستعبِد” [بكسر الباء] قد مرغته أنفة الليبيين في التراب، لأنهم لم يستنجدوا به كما فعل خونة العراق وأفغانستان.
ولماذا لم يقع الغرب في حيص بيص وفي كل هذا التعقيد القانوني والإجرائي لما قصفت الطائرات الأمريكية طرابلس في صيف 1986، وقبله قصف الكيان الإرهابي مفاعل تموز العراقي سنة 1981، وبعده بأربع سنوات أي في خريف 1985 قام نفس الكيان بغارة إرهابية على مدينة حمام الشط التونسية سماها بعملية الساق الخشبية، وكان المستهدف ياسر عرفات؟ بل لماذا “استطاعت” أمريكا أن تغزو العراق دون سند قانوني أممي؟
لماذا كل هذا التلكؤ؟ إن لم يكن استمتاعا بتقتيل المسلمين تحت غطاء “كل الخيارات مطروحة”، ينتظرون أن تدمر ليبيا على قلة البنية التحتية فيها، ليدخلوا من باب الاستثمار بعدما رُفضوا من باب التدخل العسكري.
يدعي الغرب أن مسألة الحظر الجوي معقدة، كما يحاول جاهدا أن يوهمنا بأنه يتخوف من مضادات القذافي وصواريخه التي أصبحت هذه الأيام أقوى مما كان عند صدام، ولو أن المعادلة معكوسة لأنهم ضخموا ترسانة صدام ليشرعوا الغزو، والآن يضخمون ترسانة المجنون ليجوزوا التفرج. وإلا كيف وصل العسكريون الهولنديون الثلاثة إلى طرابلس، والجواسيس البريطانيون التسعة إلى ابن غازي، وكلهم على متن مروحيات.
وإذا كانت مسألة الحظر الجوي معقدة وكانت نواياهم صالحة ومساعيهم حميدة، لماذا لم يتم فك شبكة الاتصالات التي تمت تقويتها منذ أسابيع فقط من طرف شركات أمريكية وأوربية؟
أو لماذا لم يزودوا الثوار بسلاح متطور مضاد للطائرات؟
إنهم يتمنون أن ننقرض نحن المسلمين.
أو ربما يعتقدون في قرارة أنفسهم مثلما يعتقد جيمس كلابر رئيس الاستخبارات الوطنية الأميركية أن العقيد القذافي سينتصر على المعارضة التي تسعى لإسقاطه.
وسقط القناع عن قناع النظام العربي الذي أثبت كما في كل مرة أنه أبعد ما يكون عن نبض الشعب العربي، لأنه من العار أن تسبقه فرنسا/ساركوزي -ولو على سبيل المزايدات- إلى الاعتراف بالمجلس الوطني الانتقالي، هذا النظام الذي لا يلوي على شيء عندما كان يؤمر بالتوجه إلى شرم الشيخ حفاظا على المصالح الغربية، وضربا للمصالح الشعبية، بل إن بعضا من النظام العربي ساعد القذافي عسكريا، وبعضه دبلوماسيا، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *