الاغتصاب في اللغة والشرع والقانون

الاغتصاب في اللغة افتعال من غصب، والغصب: أخذ الشيء ظلماً، يقال غصبه منه؛ وغصبه عليه.

وغصب فلاناً على الشيء: قهره؛ وغصب الجلد: أزال عنه شعره نتفاً. (القاموس المحيط).
وجاء في اللسان: الغصب أخذ مال الغير ظلماً وعدواناً؛ وفي الحديث أنّه غصبها نَفْسَها: أراد أنّه واقعها كرهاً، فاستعاره للجماع.
ولما كان جماع الرجل امرأته ولو بالكُره؛ ليس فيه اعتداء ولا ظلم لها؛ إذ الجماع حق له لا يجوز لها الامتناع عنه إلا لموجب شرعي؛ فقد خص الاغتصاب بالإكراه على الوقاع المحرم.
وعليه فإن الاغتصاب: هو الإكراه على الزنا واللواط. (الاغتصاب أحكام وآثار هاني الجبير).
وهذا المعنى الأخير هو الذي شاع استعماله حتى غلب في العرف فصار خاصا بالاعتداء على أعراض النساء قهراً.
وعرف القانون الجنائي المغربي الاغتصاب في الفصل رقم 486 بكونه: “مواقعة رجل لامرأة بدون رضاها”.
واشترط القانون توافر ثلاثة عناصر حتى يطلق على جريمة حكم اغتصاب؛ وهي الاتصال الجنسي الكامل؛ وانعدام رضا الضحية؛ واتجاه إرادة المتهم لارتكاب الجريمة (أي القصد) مع علمه بذلك.
وقد جرى تعريف الاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي ضمن “عناصر الجرائم للمحكمة الجنائية الدولية” بحيث يتم التركيز على الأفعال الإكراهية للجناة، بما في ذلك التهديدات والقمع النفسي، عوضاً عن التركيز على العنف الجسدي وحده.
ونصت منظمة العفو الدولية أنه لا يوجد تعريف قانوني دولي لما يشكل اغتصاباً، فهو يختلف من نظام قانوني جنائي إلى آخر.
وتُعرِّف منظمة العفو الدولية الاغتصاب بأنه دخول جسم الإنسان “الاتصال الجنسي” قسرياً أو دون رضا صاحبه بواسطة القضيب أو أداة مثل هراوة أو عصا أو زجاجة.
والاغتصاب حسب تقرير للأمم المتحدة هو “اقتحام لأخص أعضاء جسم المرأة وأكثرها خصوصية، وأيضا اعتداء على صميم ذاتها. فهو المزيج المدمر من القوة والغضب والجنس الذي يغذي العنف الجنسي ضد المرأة”.
وللإشارة فقط فالمرجعية المؤسسة لمبادئ اتفاقيات حقوق الإنسان المؤسسة على المذهب العلماني؛ تعتبر معاشرة المرأة دون رضاها اغتصابا حتى في حالة الزواج؛ وتسمي هذا الفعل بالاغتصاب الزوجي؛ بينما لا تعتبر العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج سواء كان زنا أو لواطا وسحاقا محرما ولا ممنوعا بشرط عدم الإكراه!
ويسمى الاغتصاب أيضا “إفتضاض عذاري” إذا انتزع فيه المغتصب عذرية فتاة دون إرادتها، الأمر الذي يؤدي غالبا إلى إصابات وجروح بالغة لدى الضحية، وأزمة نفسية حادة قد لا تتعافى منها إلا بعد مرور وقت طويل ومساعدة الأخصائيين النفسيين.
وقد يكون هذا الافتضاض العذري أيضا عبر إيلاج القضيب الذكري قسرا أو عبر إدخال جسم ما داخل مهبل الفتاة العذراء (إجبارا)؛ وقد استعمل هذا الأسلوب الشنيع قديما لإذلال الأسيرات أو إجبارهن على البغاء.
وعلى العموم فجريمة الاغتصاب جريمة قبيحة محرمة في كافة الشرائع، وعند جميع العقلاء وأصحاب الفطَر السوية، وجميع النظم والقوانين الأرضية تقبح هذه الفعلة وتوقع عليها أشد العقوبات، باستثناء بعض الدول التي ترفع العقوبة عن المغتصب إذا تزوج من ضحيته!
وهو سلوك يدل على انتكاس الفطرة واختلال العقل فضلاً عن قلة الدين أو انعدامه عند هؤلاء الذي ضادوا الله تعالى في التشريع، ولا ندري أي مودة ورحمة ستكون بين الجلاد وضحيته، وخاصة أن ألم الاغتصاب لا تزيله الأيام ولا يمحوه الزمن إلا بمشقة كبير وزمن طويل -كما نص على ذلك علماء النفس- وهو يدفع كثير من المغتَصَبات في الإقدام على الانتحار، وقد ثبت على أرض الواقع فشل هذه الزواج، ولم تزدد المرأة المغتصبة من ورائه إلا شقاء وعذابا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *