مفهوم الاعتصام بالكتاب والسنة

الاعتصام بالكتاب والسنة هو أساس وأصل النجاة في الدنيا والآخرة؛ وكي ندرك معنى الاعتصام ونفهم معناه نقف مع هذا المصطلح لغة واصطلاحا.
والاعتصام في اللغة
العصمة في كلام العرب تأتي بمعنى المنع، وعصمة الله لعبده أن يعصمه مما يوبقه، تقول عصمه يعصمه عصماً منعه ووقاه، وفي التنزيل قوله تعالى: سَآوي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ أي يمنعني من تغريق الماء.
واعتصم فلان بالله إذا امتنـع به، والعصمـة بمعنـى الحفظ، ومنه قوله تعالى: وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاس أي يحفظك ويحميك .
والاعتصام بمعنى الامتناع، تقول اعتصمت بالله إذا امتنعت بلطفه من المعصية واستعصم بمعنى امتنع وأبى، ومنه قوله تعالى حكاية عن امرأة العزيز حين راودت يوسف عن نفسـه وَلَقَـدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ بمعنى أنه أبى عليها ولم يجبها إلى ما طلبت. والعاصم المانع والحامي. (لسان العرب 12/469-470).
ويقول ابن فارس: عصم: العين والصاد والميم أصل واحد صحيح يدل على إمساك ومنع وملازمة، والمعنى في ذلك كله معنى واحد، ومن ذلك العصمة، وهي أن يعصم الله تعالى عبده من سوء يقع فيه، واعتصم العبد بالله تعالى إذا امتنع، واستعصم: التجأ وتقول العرب: أعصمت فلاناً؛ أي هيأت له شيئاً يعتصم بما نالته يده أي يلتجئ ويتمسك به. (معجم مقاييس اللغة 4/331).
فمن خلال ما تقدم يتبين لنا أن الاعتصام في اللغة وردت بمعان عديدة وهي المنع والاتقاء والحفظ والحماية والالتجاء وكلها معان متقاربة تدور حول فلك واحد.

الاعتصام في الاصطلاح
تقاربت معاني الاعتصام في الاصطلاح عند المفسرين كما تقاربت عند اللغويين ويظهر ذلك جلياً من خلال المعاني الاصطلاحية الآتية:
– الإمام الشوكاني يعرف الاعتصام بقوله: “الاعتصام بالله التمسك بدينه وطاعته والوثوق بوعده” (فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير 1/367).
– أما الشيخ محمد الطاهر بن عاشور فيجمع بين التعريف اللغوي والاصطلاحي للاعتصام فيقول: “الاعتصام افتعال من عصم وهو طلب ما يعصم أي يمنع وذلك بالاجتماع على هذا الدين وعدم التفرق ليكتسبوا باتحادهم قوة ونماء” (التحرير والتنوير 4/31).
فمن خلال هذه المعاني يتبين لنا أن الاعتصام في الاصطلاح يأتي بمعنى التمسك بالدين والوثوق بوعد الله والالتجاء إليه في دفع شرور الكفار ومكايدهم.
وعند النظر في العلاقة بين التعريف اللغوي والاصطلاحي للفظة الاعتصام يتبين لنا أن المعنى الاصطلاحي يمثـل جزء من المعانـي اللغويـة لهـذه اللفظة، ولا غرابة في ذلـك فالقرآن قد نزل بلغة العرب وذلك تصديقـاً لقوله تعالى إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *