أثار مقطع من مقرر دراسي اشتمل على تعريض واضح بجناب النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، موجة غضب لدى شريحة واسعة من المجتمع.
وفي ذات السياق تداول مواطنون على مواقع التواصل الاجتماعي درسا من مادة الاجتماعيات حول التسامح والقبول بأفكار الآخر كيف ما كانت، ردود فعل عنيفة، حيث قرر أحد أولياء الأمور بتر الدرس من المقرر المدرسي نهائيا كي لا يشوش على أفكار أبنائه بأفكار اعتبرها خطيرة ومنحرفة.
وتفاعلا مع ما أثير تزامنا مع الدخول المدرسي، اعتبر د.يوسف فاوزي أن “معيار تقدم الأمم هو التعليم، فهو أساس بناء أفرادها، فلا حاضر ولا مستقبل دون تعليم رصين يرتكز على الهوية الأصيلة للمجتمع، ومجتمعنا المغربي ولله الحمد مجتمع حسم في هويته باعتناقه الدين الإسلامي الحنيف كما ينص على ذلك دستوره، وكما ينص عليه أيضا الميثاق الوطني للتربية والتعليم، فكانت المناهج والمقررات الدراسية حاسمة لهويتها وخلفيتها العقدية والفكرية.
ومن هذا المنطلق كان لزاما على الوزارة الوصية أن تسند مهمة صياغة المقررات إلى لجان مختصة، تستحضر البعد الديني والعقدي للمجتمع، حتى لا يعيش المتعلم في حالة تناقض بين المدروس والواقع، فما يدرس في المقرر يجب أن يشاهده التلميذ تطبيقا عمليا في محيطه الأسري والاجتماعي صونا لهويته وحماية له من أي صدمات نفسية تكون لها مآلات غير محمودة عليه وعلى المجتمع بأسره”.
وأضاف أستاذ التعليم العالي بجامعة ابن زهر بأكادير “كما هو معلوم عند العلماء والمثقفين فإن التأليف يعتبر عملا علميا جبارا، لأنه صياغة لفكر عقل الإنسان، فمن ألف للناس أخرج لهم عقله كما يقال، فما بالكم لو كان هذا التأليف صياغة لمناهج دراسية تحدد مصير ثقافة وهوية جيل بكامله، إنها مسؤولية عظيمة تتحملها لجان التأليف في الحاضر والمستقبل ولا عذر لأحد في ارتكاب مثل هذه الأخطاء القاتلة لهوية أبنائنا.
وللأسف فإن بعض اللجان المنجزة لهذه المقررات تتعالى على الخلفية الدينية للمغرب، بذريعة التجديد والتغيير، لنصادف في بعض هذه المقررات الدراسية نصوصا خارجة عن الإطار العام لميثاق التربية المغربي، من قبيل اقتباس نصوص تعرض بالجناب النبوي الشريف، كما حصل في مقرر مادة الاجتماعيات للمستوى الابتدائي، مما يستدعي من الوزارة الوصية فتح تحقيق في النازلة، وتدارك الوقت لإصلاح هذا الخطأ الفادح، فرسولنا صلى الله عليه وسلم فوق كل اعتبار، والتجديد إنما يكون بإحياء التراث التليد والاحترام التام لمقدساتنا الدينية والوطنية، وليس التنقيص منها في مخيلة فلذات أكبادنا، فهذا التنقيص سيكون له مساوئ خطيرة على الفرد والمجتمع.
فلا غرابة أن نرى ردة فعل من طرف أولياء الأمور تجاه هذه المقررات بدافع الغيرة على ديننا وهويتنا، من قبيل تمزيق بعض صفحاتها التي حوت هذه الأخطاء، ولربما أدى الأمر ببعض الآباء إلى التفكير في اتخاذ قرار الابتعاد عن المدرسة، لنعيد للمشهد ظاهرة الهدر المدرسي في زمان يعلم الجميع التكلفة الباهظة للأمية”.
وختم د.فاوزي تعليقه بقوله “إن إصلاح هذه المقررات الدراسية خطوة صحيحة في اتجاه بناء الثقة بين المواطن والمدرسة، فنحن شعب مسلم بدينه وعقيدته، فالواجب أن تكون المناهج منسجمة مع هذا الاختيار.
وأقترح على الوزارة الوصية أن تستعين بالمجلس العلمي الأعلى الذي يرأسه أمير المؤمنين محمد السادس نصره الله، فهو مؤسسة علمية مقتدرة قادرة بعون الله على تقويم المناهج الدراسية والتأشير عليها وفق المنظور الشرعي، وبالله التوفيق”.