حكم جريمة اللواط

والوعيد الذي نصت عليه شريعتنا السمحاء بحق مرتكبيها
“..وما أحق مرتكب هذه الجريمة ومقارف هذه الرذيلة الذميمة بأن يعاقب عقوبة يصير بها عبرة للمعتبرين، ويعذب تعذيبا يكسر شهوة الفسقة المتمردين، فحقيق بمن أتى بفاحشة قوم ما سبقهم بها من أحد من العالمين أن يَصْلَى من العقوبة بما يكون في الشدة والشناعة مشبها لعقوبتهم، وقد خسف الله تعالى بهم واستأصل بذلك العذاب بِكرهم وثيبهم” (الشوكاني).
بداية ننبه إلى أن تنفيذ حكم مرتكب اللواط الذي سيذكر في هذا المقال هو من اختصاصات ولي الأمر أو من ينيبه، وليس لآحاد الناس أن يقوم بتطبيق هذا الحكم الشرعي لما في ذلك من الفوضى المفضية لكثرة الهرج، وتنبيهنا هذا كما هي عادتنا ليس خوفا من أن ننعت بترويج ثقافة الانغلاق والدعوة إلى سفك الدماء فهذه تهم باتت تلصق بكل من يدعو أو يذكر بحكم شرعي تضمنته كتب الفقه والحديث التي تطبعها وزارة الأوقاف، وما زال المغاربة يدرسونها في مساجدهم ومعاهدهم الدينية ولكن العلمانيين لا يفقهون.
فبالنظر إلى شناعة هذه الجريمة وقبحها وخطورتها عاقب الله مرتكبيها بأربعة أنواع من العقوبات لم يجمعها على قوم غيرهم وهي أنه:
– طمس أعينهم.
– وجعل عاليها سافلها.
– وأمطرهم بحجارة من سجيل منضود.
– وأرسل عليهم الصيحة.
وفي شريعتنا صار القتل بالسيف على الراجح هو عقوبة الفاعل والمفعول به إذا كان عن رضا واختيار، فعن ابن عباس مرفوعًا: “من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به” (رواه الإمام أحمد 1/300 وهو في صحيح الجامع 6565)، قال الشيخ بكر أبو زيد تعليقاً على هذا الحديث: “ووجه الدلالة من هذا الحديث نصيةٌ على قتل الفاعل والمفعول به، وليس فيه تفصيل لمن أحصن أو لم يحصن، فدلَّ بعمومه على قتله مطلقاً”.
وفعل قوم لوط من كبائر الذنوب التي ذمها الله تعالى في كتبه وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وسلم، فقد قال تعالى: “وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَ، إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ”، وقال صلى الله عليه وسلم: “لعن الله من عَمِل عمل قوم لوط، لعن الله من عَمِل عمل قوم لوط، لعن الله من عَمِل عمل قوم لوط، قالها ثلاثاّ” (أخرجه أحمد وصححه الشيخ أحمد شاكر، وكذا الشيخ الألباني في صحيح الترغيب والترهيب).
قال الشوكاني رحمه الله تعالى في نيل الأوطار، باب الحدود: “وما أحق مرتكب هذه الجريمة ومقارف هذه الرذيلة الذميمة بأن يعاقب عقوبة يصير بها عبرة للمعتبرين، ويعذب تعذيبا يكسر شهوة الفسقة المتمردين، فحقيق بمن أتى بفاحشة قوم ما سبقهم بها من أحد من العالمين أن يَصْلَى من العقوبة بما يكون في الشدة والشناعة مشبها لعقوبتهم، وقد خسف الله تعالى بهم واستأصل بذلك العذاب بكرهم وثيبهم” اهـ.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى عن قوم لوط:
“قال جمهور الأمة وحكاه غير واحد إجماعاً للصحابة: “ليس في المعاصي مفسدة أعظم من مفسدة اللواط، وهي تلي مفسدة الكفر، وربما كانت أعظم من مفسدة القتل.
قال الجمهور: ولم يبتل الله تعالى بهذه الكبيرة قبل قوم لوطٍ أحداً من العالمين، وعاقبهم عقوبة لم يعاقب بها أمَّة غيرهم، وجمع عليهم أنواعاً من العقوبات: من الإهلاك، وقلب ديارهم عليهم، والخسف بهم، ورجمهم بالحجارة من السماء، وطمس أعينهم، وعذَّبهم، وجعل عذابهم مستمراً، فنكل بهم نكالاً لم ينكله بأمَّة سواهم، وذلك لعظم مفسدة هذه الجريمة، التي تكاد الأرض تميد من جوانبها إذا عُملت عليها، وتهرب الملائكة إلى أقطار السموات والأرض إذا شهدوها خشية نزول العذاب على أهلها فيصيبهم معهم، وتعج الأرض إلى ربها تبارك وتعالى، وتكاد الجبال تزول عن أماكنها، وقتْل المفعول به خيرٌ له من وطئه، فإنه إذا وطأه الرجل قتله قتلا لا تُرجى الحياة معه، بخلاف قتله فإنه مظلوم شهيد، وربما ينتفع به في آخرته..”.
وقال رحمه الله: “..أطبق أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على قتله، لم يختلف منهم فيه رجلان، وإنما اختلفت أقوالهم في صفة قتله، فظنَّ بعض الناس ذلك اختلافاً منهم في قتله، فحكاها مسألة نزاع بين الصحابة، وهي بينهم مسألة إجماع، ومن تأمل قوله سبحانه: “وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً” الإسراء، وقوله في اللواط: “أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَ” الأعراف، تبين له تفاوت ما بينهما؛ فإنه سبحانه نكَّر الفاحشة في الزنا، أي: هو فاحشة من الفواحش، وعرَّفها في اللواط، وذلك يفيد أنه جامع لمعاني اسم الفاحشة..
ثم أكد سبحانه شأن فحشها بأنها لم يعملها أحد من العالمين قبلهم فقال: “مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَ”، ثم زاد في التأكيد بأن صرَّح بما تشمئز منه القلوب، وتنبو عنه الأسماع، وتنفر منه أشد النفور، وهو إتيان الرجل رجلا مثله ينكحه كما ينكح الأنثى، فقال: “أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ”، ثم أكد سبحانه قبح ذلك بأن اللوطية عكسوا فطرة الله التي فطر عليه الرجال، وقلبوا الطبيعة التي ركَّبها الله في الذكور، وهي شهوة النساء دون الذكور، فقلبوا الأمر، وعكسوا الفطرة والطبيعة فأتوا الرجال شهوة من دون النساء، ولهذا قلب الله سبحانه عليهم ديارهم فجعل عاليها سافلها، وكذلك قلبهم، ونكسوا في العذاب على رؤوسهم.
ثم أكد سبحانه قبح ذلك بأن حكم عليهم بالإسراف وهو مجاوزة الحد، فقال: “بل أنتم قوم مسرفون”.
فتأمل هل جاء ذلك أو قريبٌ منه في الزنا، وأكد سبحانه ذلك عليهم بقوله “وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَت تَّعْمَلُ الْخَبَائِثَ”، ثم أكَّد سبحانه عليهم الذم بوصفين في غاية القبح فقال: “إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ” الأنبياء، وسماهم مفسدين في قول نبيهم فقال: “قَالَ رَبِّ انصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ” العنكبوت، وسماهم ظالمين في قول الملائكة لإبراهيم عليه السلام: “إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ظَالِمِينَ” العنكبوت.
فتأمل من عوقب بمثل هذه العقوبات ومن ذمه الله بمثل هذه الذمات. (الجواب الكافي 240–245 مختصراً) .
فلا رحمة ولا شفقة في الضرب على أيدي اللواطيين، لأنهم جمعوا كل الصفات الشاذة التي يجب تطهير المجتمع منها؛ وهي صفات وصفهم الله عز وجل بها، وهي: “السكرة، والعَمَهُ، والجهالة، وعدم العقل، وعدم الرشد، والبغض، وطمس الأبصار، هذا مع ما وصفهم به من الخبث والفسوق والعدوان والإسراف والسوء والفحش والفساد والإجرام”.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *