د. بلافريج: «هل رأيتم علماء المالكية يجيزون الطواف بالقبور والتمسح بها واستلامها والدعاء عندها؟!»

جوابا على سؤال وجه إلى فضيلته في المسجد حول ما انتشر في الأعوام الأخيرة عند الناس من زيارة للأضرحة؛ وما يعتقده الذاهب إليها أنه يشفى وأنها تقضي الحوائج؛ أجاب الدكتور زين العبدين بلافريج أستاذ التعليم العالي بجامعة الحسن الثاني بعين الشق بقوله*:
هذا موضوع انتهى منه أهل الإسلام بمعرفة الحق ومعرفة التوحيد ومعرفة الشرك، فقصد الأضرحة والتوجه إليها بدعة، فإذا انضم إلى ذلك سؤال أهل الضريح أن يجلبوا لك نفعاً أو يدفعوا عنك ضرا فذلك مما يوقعك في الشرك بالله.
أن تقول يا سيدي أعطني؛ يا سيدي زوجتي لا تلد يا سيدي أعطني الولد، وتطلب الولد من الضريح ومن المقبورين الأموات، وتشد الرحال إليهم، وتجلس في مكانها مدة، وتذهب بزوجتك وتزوّرها لكي تلد، هذا كله يجتمع فيه شرك وخرافة ومخالفة للإسلام ومخالفة للدين.
الصراحة ما يوجد من المسلمين من هذا الصنف إلا بعض الناس ممن لم تصلهم هذه الدعوة وبقوا على زيارة الأضرحة وسؤال المقبورين والتمسح بالمقبورين، وقد حكى أئمة المالكية ومنهم أبو عبد الله القرطبي صاحب التفسير قال: «أجمع علماؤنا -المالكية- على تحريم الطواف بالقبور».
أين نطوف نحن المسلمين؟ بالكعبة، هل لنا طواف آخر؟ هل لنا كعبة أخرى؟
هل لنا حج المسكين؟ ما عندنا حج المسكين عندنا حج واحد {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} {وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ، لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ} هذا هو الحج الذي شرعه الله وسمى سورة في القرآن بسورة الحج، هذا هو الحج الذي عند المسلمين لا يوجد حج آخر إلى جهة أخرى.
والأصل في الحج من جهة اللغة هو القصد، أن تحج إلى مكان معين، حج فلان إلى فلان إلى المكان الفلاني، فالحج هو القصد والذهاب، والحج الشرعي هو قصد بيت الله الحرام وأراضي المشاعر من أجل أدائها والإتيان بما فرض الله من الأركان وسائر ما يكمل الحج ليكون -العبد- قد أتم الحج الذي أمر الله به في قوله {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ۚ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ}، فأمر بإتمام الحج والعمرة.. والطواف في الحج بالكعبة فلا يطاف بغير الكعبة.
قال القرطبي: «أجمع علماؤنا -أي علماء المالكية- على تحريم الطواف بالقبور واستلامها وإحداث ما يحدثونه عندها من إيقاد السرج»، فمن يضع يده على القبة الخضراء -في الضريح- ويتبرك هذا عمل غير صحيح، ولا يفعله مسلم لأن الإسلام دين الإيمان ودين الشرائع الحسنة ودين الحقيقة وليس دين الخرافة، والتمسح بقبة أو رخام هذا خرافة..
ويبدو أننا استرحنا وعامة أهل بلدنا يعرفون الحق في هذه المسألة، لاسيما ونحن مالكية، وها هم المالكية يقولون بالتحريم، فهل رأيتم علماء المالكية يجيزون الطواف بالقبور والتمسح بها واستلامها والدعاء عندها ورجاء بركتها؟
ابن الحاج العبدري المالكي في المدخل ينص على تحريم هذه الأشياء وتحريم كثير من البدع والخرافات، وهو كتاب مشهور عندنا ولا يوجد مالكي لا يعرف كتاب المدخل لابن الحاج وقد نص على هذه الخرافات، هذه كلمة حق وهذا الذي نعتقد.
فكي يحيوا لنا شيئا من الوثنية القديمة، وقبر فلان أو ضريح.. هذا الكلام لا يجوز لمسلم يعتقد أن الله تعالى هو الذي يضع القدسية في الشيء المقدس، فنستلم الحجر الأسود لأن الله تعالى أذن لنا في استلامه، ولا نستلم الركن اليماني إلا بإذنه.. فنحن لا نقبِّل شيئا ولا نضع يدا على شيء نتبرك ونتمسح به إلا بدليل من الشريعة، إن استطعت ألا تذهب وألا تجيء أو تقوم أو تقعد إلا بدليل فعليك أن تفعل، والمسلم عليه أن يعمل بالدليل والدليل لا يدل على هذا الشيء الذي هو الطواف. اهـ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*)- https://www.youtube.com/watch?v=cYk0Bn2xFhU

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *