الوقف بين التطبيق الشرعي والتوظيف العلماني لماذا اخترنا الملف؟

شكل الوقف سمة خاصة من سمات الحضارة الإسلامية الشامخة، وذلك لما يسديه من أعمال جليلة في شتى شؤون الحياة.
فقد شملت الأحباس والأوقاف جميع أنواع الحاجات الاقتصادية أو الاجتماعية أو العلمية أو الصحية وغيرها. واستفاد منها كل من احتاج إليها من أفراد المجتمع وبجميع طبقاته.
لقد كان ما أوقفه المسلمون من وجوه البر والخير الذي يعود على المجتمع أفرادا وشعوبا يُعد أهم مصادر القوة والاستقلال لهذه الأمة، “فقد شمل الوقف أدق الأمور وأعظمها وأضخمها، فكان هناك وقف للخبز المجاني، ووقف الثياب، ووقف الحليب، ووقف وفاء الديون، ووقف تبديل الأواني المكسورة، ووقف النساء الغاضبات من أزوجهن، ووقف إيواء الغرباء، ووقف تزويج الفقراء، ووقف زيارة المريض، ووقف إصلاح ذات البين، ووقف تكفين الموتى، كما شمل الوقف مؤسسات ومشروعات كبرى مثل الملاجئ والتكايا والمستشفيات والمدارس…”.
واعتبارا لمكانته وأهميته؛ ما كان للاحتلال وأزلامه من العلمانيين أن يسمحوا باستمرار الوقف الإسلامي، فحاربوه وعملوا على إقصائه.
فمع بداية الاحتلال الفرنسي ودرء لكل تدخل في الأملاك الوقفية بالمغرب، أصدر السلطان مولاي يوسف أكثر من 30 ظهيرا (قانونا ساميا) لتنظيم الأحباس ولحمايتها من ترامي الإدارات المدنية والعسكرية الفرنسية عليها بالبيع أو الرهن أو نزع الملكية للمنفعة العامة وكذا حرصا منه على ألا تصرف مداخيلها في غير المصالح العائد نفعها على المسلمين.
إلا أن سلطات الحماية، رغم كل ذلك، أحدثت تغييرات جوهرية على نظام الوقف بالمغرب بل واستعملت العقارات الحبسية في سياستها التعميرية في العديد من المدن المغربية وعمدت إلى نزع ملكية العديد من العقارات الوقفية أو معاوضتها أو كرائها للأمد الطويل للمعمرين الأجانب، كما فوتت حقوق المياه الحبسية بالمدن المغربية للبلديات. وقد قدرت مساحة الأراضي الفلاحية الحبسية التي تم استعمالها لهذا الغرض في 10.000 هكتار.
ووعيا منا بمركزية الوقف في العمل الخيري، وتنويرا للرأي العام بأهمية هذا الموضوع ارتأينا فتح هذا الملف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *