في دراسة إحصائية لحالات الميراث في الفقه الإسلامي.. الأنثى ترث نصف الذكر في حالات تمثل 33.13% من حالات الميراث، بينما ترث الأنثى مثل الذكر أو أكثر من الذكر في حالات تبلغ 67.87% من حالات الميراث، أي أن المرأة متميزة عن الرجل فيما يقرب من 90% من حالات الميراث.
يوجد أكثر من ثلاثين حالة تأخذ فيها المرأة مثل الرجل، أو أكثر منه، أو ترث هي ولا يرث نظيرها من الرجال، في مقابل أربع حالات فقط ترث فيها المرأة نصف الرجل:
في دراسة إحصائية لحالات الميراث في الفقه الإسلامي، خلص العالم السوداني الشيخ عبد الجليل ندى الكاروري، إلى أن الأنثى ترث نصف الذكر في حالات تمثل 33.13% من حالات الميراث، بينما ترث الأنثى مثل الذكر أو أكثر من الذكر في حالات تبلغ 67.87% من حالات الميراث، أي أن المرأة متميزة عن الرجل فيما يقرب من 90% من حالات الميراث. (الغرب والإسلام: أين الخطأ وأين الصواب، د. محمد عمارة).
وباستقراء هذه الحالات يظهر الآتي:
1.أن هناك أربع حالات فقط ترث المرأة نصف الرجل.
2.أن أضعاف هذه الحالات ترث المرأة مثل الرجل.
3.هناك حالات كثيرة ترث المرأة أكثر من الرجل.
4.هناك حالات ترث المرأة ولا يرث نظيرها من الرجال.
حالات ميراث المرأة:
من المعلوم من خلال النصوص الواردة في حق ميراث الأنثى في الإسلام أن ميراثها يختلف باختلاف حالها، ولهذا سنتعرض في هذا الجزء إن شاء الله تعالى حالات ميراث المرأة باختلاف أنواعها.
الحالات التي تتساوى فيها المرأة مع الرجل في الميراث:
1- ميراث الأبوين (الأم، ولأب) مع وجود الفرع الوارث المذكر أو المؤنث كالابن وإبن الابن وإن نزل ذكراً كان ابن الابن أو أنثى، قال الله تعالى: (وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ) [النساء/11].
2- ميراث الإخوة لأم اثنان فأكثر، سواء كانوا ذكوراً فقط أو ذكوراً أو إناثا فقطإ أو ذكوراً وإناثاً، فإنهم يشتركون في الثلث، يقسم بينهم بالتساوي للذكر مثل الأنثى.
قال الله عز و جل: (وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ) [النساء/12]، وتظهر الحكمة في ذلك أن المورث ليس له من أخيه لأمه من عاطفة التراحم الناشئة من صلة الأمومة أكثر مما له من أخته لأمه.
3- ميراث الجدة الصحيحة مع الجد الصحيح السدس في بعض الحالات، كما لو مات شخص عن أم أم، وأب أب، وابن، فإن لأم الأم السدس فرضا، ولأب الأب السدس أيضاً، والباقي للابن.
حالات ترث فيها الأنثى أقل من الذكر
إن المتأمل في ميراث المرأة يجد أنه بشكل عام يقل عن ميراث الرجل، فأحياناً نجدها ترث نصف ما يرث، وأحياناً أخرى يقل ميراثها أو يزيد قليلاً عن النصف.
ويكون للذكر مثل الأنثيين في الأصناف التالية:
1- صنف يكون ذلك في كل درجة من الدرجات منه مهما نزلت، بشرط أن لا يدلي الفرد منهم بأنثى، وهم الأبناء مع البنات، وبنات الابن مع ابن الابن فأكثر، وهكذا.. فلو كان الإدلاء بأنثى فلا ترث، مثل بنت البنت، وابن البنت.
2- وصنف كذلك يكون في الدرجة الأولى منه فقط، مثل الشقيقة فأكثر مع الشقيق، والأخت لأب مع الأخ لأب منفردين أو متعددين.
ولا يكون في أولادهم، مثل ابن الأخت الشقيقة أو لأب مع ابن الأخ الشقيق أو لأب، لأنهم من ذوي الأرحام.
3- وصنف يكون كذلك في درجة الأبوة، مثل الأب مع الأم بشرط انفرادهما في الإرث، وخلوهما من الفرع الوارث المذكر والمؤنث، ومن عدد من الأخوة (اثنين فصاعداً)، فيكون للأب في هذه الحالة مثلي ما للأنثى. قال تعالى: (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ) [النساء/11] (أي وللأب الثلثان الباقيان).
4- وصنف يكون في الزوجية، بشرط موت أحدهما والميراث من تركته فالزوج يأخذ من تركة الزوجة المتوفاة قبله مثلي ما تأخذه من تركته إذا مات قبلها، فإذا توفيت الزوجة ولم يكن لها فرع وارث فإنه يأخذ من تركتها النصف، وإذا كان لها فرع وارث فإنه يأخذ الربع، والزوجة على النصف من ذلك، فإذا مات ولم يكن له فرع وارث، أخذت الربع وهو نصف النصف، وإذا كان له فرع وارث أخذت الثمن وهو نصف الربع.
حالات ترث فيها الأنثى أكثر من الذكر
قد يستغرب البعض ويستبعد وجود حالات ترث فيها الأنثى أكثر من الذكر، و لكن الأمثلة تشهد لذلك فمنها:
1- فلو مات رجل عن: زوجة، بنت، أم، أختين لأم، أخ شقيق.
لوجدنا أن للزوجة ثلاثة أسهم من أصل أربعة وعشرين سهماً، وللأم أربعة، وللأخ الشقيق خمسة أسهم، وتحجب الأختين لأم بالبنت.
فالبنت ترث في هذه المسألة أكثر من الأخ الشقيق. وكذلك الأمر لو حلّ محل البنت، بنت ابن وإن نزل؛ أو كان محل الأخ الشقيق أب، أو أخ لأب، أو عم شقيق، أو عم لأب.
فالبنوة مقدمة على الأبوة وعلى الأخوة.
2- ولو ماتت امرأة عن: زوج، بنت، أخت شقيقة، أخت لأب.
فإن للزوج سهم واحد من أصل أربعة أسهم، وللبنت سهمان، وللأخت الشقيقة سهم واحد، وأما الأخت لأب فمحجوبة بالشقيقة.
فالزوج هنا يرث نصف ما ترثه البنت، وكذلك الأمر لو حلّ محل البنت، بنت ابن وإن نزل، أو أخت شقيقة أو لأب، منفردات ودون وجود فرع وارث مذكر أو مؤنث، مع العم الشقيق أو لأب فإنهن يرثن في مثل هذه الحالة أكثر من الزوج وأكثر من العم.
3- ولو ماتت امرأة عن: زوج، ابنتي ابن، ابن ابن ابن.
فإن للزوج ثلاثة أسهم من أصل اثنا عشر سهماً، ولبنتي الابن ثمانية، لكل واحدة منهما أربعة أسهم، ولابن الابن الباقي وهو سهم واحد.
فنصيب كل واحدة من بنات الابن في تركة المورث أكبر من نصيب ابن ابن الابن، ذلك لأنها أعلى درجة منه، وأكبر من نصيب الزوج.
حالات ترث فيها الأنثى دون الذكر
1- وذلك كما لو مات شخص عن: أم بنتين، أختين لأب، أخ لأم.
فإن للأم سهمان من أصل ثمانية، ولكل واحدة من البنتين أربعة أسهم، ويبقى للأختين لأب سهمان، لكل منهما سهم، بينما يحجب الأخ لأم بالأخوات لأب. فجميع الإناث في هذه المسألة يرثن باستثناء الأخ لأم.
2- وكما في مسألة العاصب الشؤم.
فلو ماتت امرأة عن: زوج، بنت، ابن ابن، بنت ابن، أب وأم.
فإن للزوج ثلاثة أسهم من أصل اثني عشر سهماً، وللبنت ستة، ولا يبقى لابن الابن، وبنت الابن شيء.
فالبنت ورثت أكثر من الزوج وأكثر من الأب، وورثت ولم يرث ابن الابن، وورثت الأم أيضاً ولم يرث ابن الابن.
3- وكذلك لا يرث أي من ذوي الأرحام الذكور مع وجود إناث صاحبات فرض باستثناء الزوجة، ولا مع وارثات بطريق التعصيب.
4- هذا فضلاً عن الحالات التي ترث فيها الأنثى المستحقة للميراث ويحرم فيها الذكر ولو كان صاحب فرض أو وارث بطريق التعصيب، وذلك إذا قام بحقه أحد موانع الإرث، كالقتل العمد وشبه العمد والارتداد.
وبالمحصّلة فإن ما سقناه من الأمثلة ليثبت بالدليل القاطع الذي لا يحتمل الشك أن شريعة الله في الميراث لا تحابي جنساً على جنس، إنما هي اعتبارات في كل من الذكر والأنثى يقتضي الحق والمنطق والعدل مراعاتها. (أحكام ميراث المرأة في الفقه الإسلامي، ورود عَورتاني).