لماذا اخترنا الملف؟

أقر البرلمان الفرنسي قانوناً يجرّم “إنكار إبادة” الأرمن خلال الحرب العالمية الأولى، ويتوقع أن يرسل القانون إلى مجلس الشيوخ للتصويت على إقراره في بداية السنة الجديدة.
وحسب القانون الجديد سيواجه كل من “ينكر إبادة” الأرمن عقوبة السجن لمدة سنة وغرامة قدرها 45 ألف يورو.
وتزعم التيارات القومية الأرمينية أن تركيا قامت في نهاية الفترة العثمانية وبداية حكم الاتحاد والترقي، وخلال أحداث الحرب العالمية الأولى بعملية إبادة عرقية منظمة للأرمن.
هكذا تروي السردية القومية الأرمينية، وهو ما ترفضه تركيا بقوة طوال العقود الماضية.
والغرب يريد من تركيا الإقرار بالتهمة دون دفاع أولاً، ثم الاعتذار عنها ثانياً، ثم تقديم التعويضات المالية والإنسانية ثالثاً، وربما كذلك الحديث عن حقوق الأرمن التاريخية في الأراضي التركية رابعاً.
والأهم مما سبق كله هو ألا تتحدى أو تعارض تركيا الافتراضات والمآلات التي تكون بمجموعها وجهة نظر طرف واحد من أطراف المشكلة وهو الطرف القومي الأرميني.
القرائن والوثائق التاريخية التي بحوزة الحكومة التركية تشير إلى مأساة إنسانية حدثت للمسلمين والأرمن في ذلك الوقت، نتج عنها موت مئات الآلاف، وكانت كارثة بحق، ولكنها لم تكن إبادة عرقية من طرف ضد آخر.
الثابت تاريخياً أيضا أن عدد السكان الأرمن في الدولة العثمانية لم يتجاوز مليوناً ونصف المليون نسمة في مطلع القرن العشرين طبقاً لإحصائيات الدولة العثمانية من جهة، وتقديرات بريطانيا وفرنسا وألمانيا من جهة أخرى.
فكيف يمكن أن يُقتل مليون ونصف مليون أرمني خلال تلك الفترة نفسها؛ أي: الأرمن جميعهم بالدولة العثمانية.. في الوقت نفسه الذي تشير التقارير الإحصائية كلها أنه بعد الحرب العالمية الأولى بلغ عدد الأرمن الذين نجوا من ويلات الحرب ما يقارب المليون نسمة! 
لا شك أن مقتل أو موت ما يقارب نصف مليون إنسان في تلك الحرب هو رقم ضخم وكبير، ولكن هناك أسئلة كثيرة يجب أن تثار لفهم ما حدث وليس لتبرير أو إخفاء بشاعة هذه المأساة. (تركيع تركيا؛ باسم خفاجي).
هل قتل الأرمن على يد جيوش منظمة تهدف إلى إبادتهم؛ أم أنهم كانوا ضحية صراعات بين متعصبين من الجانبين الأرميني والتركي، أم بسبب التهجير والفقر والمرض الذي أصاب الكثير من الأرمن والمسلمين على حد سواء في تلك الفترة؟
ما الذي حدث حقيقة في تلك الفترة؟
لماذا تثير فرنسا هذا الموضوع من جديد؛ ولماذا أصدرت قانونا يجرم من ينكر الإبادة المزعومة؟
أسئلة مهمة نحاول الإجابة عنها من خلال هذا الملف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *