الهيمنة الأمريكية عن طريق الإعلام “هوليوود” في خدمة البيت الأبيض السينما..كيف تفتن العالم بالنموذج الأمريكي؟

مع ظهور مصطلح “العولمة” كان هناك مصطلح آخر يضاهيه بل ويتفوق عليه وينال اهتمام الكبار وهو الذي طرحه “زيجنيو بريجنيسكي” مستشار الأمن القومي إبان إدارة “كارتر”، ذلك المصطلح هو “Tittytainment” وحسب رواية “بريجنيسكي” فهو مصطلح منحوت من كلمتين Tits ويعني حلمة الثدي في إشارة إلي الحليب الذي يفيض عن ثدي الأم – ويكون قليلاً كما هو معلوم – كناية عن قلة الغذاء. أما Taunment فهي اختصار لكلمة Entertainment أي التسلية. فيصبح المصطلح خليطاًُ بين التسلية المخدرة والتغذية الكافية التي يمكن من خلالها تهدئة خواطر سكان المعمورة. لأن 80% من العالم يملكون 29% من الموارد و20% من العالم يملكون 80% فينبغي أن نصنع لهؤلاء الفقراء الوهم والمخدرات المسلية حتى نضمن ولاءهم وعدم ثورتهم على النظام العالمي الجديد، والخطير في هذا المصطلح هو وروده على لسان أحد مهندسي السياسة الأمريكية حتى الآن وهو “بريجنيسكي”..

أردنا أن نجلي هذا الأمر ابتداء حتى نفهم أن السينما في أمريكا ما هي إلا خيال في أعين فقرائنا، وغزو ثقافي لشبابنا وأحيانا أخرى سوط لكل من تسول له نفسه المساس بهيبة أمريكا..

فالسينما هي التي تشكل عقلية الأجيال القادمة وممارساتهم وهويتهم وحتى ملابسهم!! في إطار قرية صغيرة تضم العالم كله ومدخل هذه القرية هو تلك الإشارات والومضات الإلكترونية التي تظهر علي شاشات السينما والتلفاز.
السينما الأمريكية سوط مسلط على شعوب العالم
كانت السينما الأمريكية دائماً سوطاً في يد السياسة الأمريكية تؤدب به كل من يخرج عليها، فإذا احتجت الصين كانت في انتظارها كتيبة كاملة من السينمائيين تظهر وحشية الصين وامتلاكها الأسلحة النووية وغياب الحرية، وإذا شك أحد في الجيش الأمريكي وروحه المعنوية كان فيلم “إنقاذ الجندي راين” في مواجهته، وإذا ادعى أحد وحشية الحضارة الأمريكية في “هيروشيما” خرج علينا فيلم “بيرل هاربر” ليصور مأساة الجيش الأمريكي وكأن أمريكا هي المظلومة والمقهورة ولها كل الحق في الرد على الوحشية اليابانية ولو بالقنبلة الذرية، وإذا تحركت الشعوب الإسلامية وزاد اعتناق الناس في الغرب للإسلام خرجت مجموعة من الأفلام تظهر الشخص العربي دموياً يتقرب إلى الله بالقتل والتخريب، وفيلم “الحصار” لـ”بروس ويلز” يظهر هذا المعنى بجلاء.
أين الخلل؟

في الوقت الذي توظَّف فيه السينما الأمريكية للحفاظ علي الإطار القيمي للثقافة الأمريكية نجد دعوات تنادي بالفن من أجل الفن.
فالعمل السينمائي لا هدف وراءه ولا قيمة تسنده إلا العمل السينمائي والقيم والمثل والأخلاق، والتربية لها مؤسسات أخرى كالمساجد والمدارس والجمعيات الخيرية.. فقط، وهذا منطق سخيف في عالم يستخدم كل وسائل الأسلحة ليدافع بها عن نفسه ويهاجم بها الآخرين.
فالسينما هي المسيطرة الآن على الثقافة والتوجيه بعد أن ضاع دور الكتاب وتراجعت الوسائل المسموعة، فأصبح البصر والنظر المنفذ الوحيد إلى العقول والعواطف وحتى الضمائر، وكون معظم رواد السينما في العالم من فئة الشباب، فإن السينما الأمريكية تكون قد أصابت في المقتل كما يقولون.
وهناك الآن استنفار في هوليوود للقيام بأفلام عديدة عن حادث 11 شتنبر الذي قلب الموازين رأسا على عقب، وبعض هذه الأفلام تم إنتاجه وعرضه بقاعات السينما، ونحن الآن بانتظار غزو فكري جديد ستبثه عشرات الأفلام القادمة في هوليوود وستكون الفكرة الأساسية في هذا الغزو تشويه صورة الإسلام والمسلمين.
بين السياسة والسينما
يظن البعض أن هوليوود -معقل صناعة السينما الأمريكية- بعيدة عن السياسة الأمريكية التي يصنعها قادة البيت الأبيض، وأنه لا يوجد أدنى ارتباط بين الاثنين، باعتبار هوليوود مصنع أفلام لتسلية الشباب بقصص الجنس والعنف ولا شيء غير ذلك، ولكن المتابع للسينما الأمريكية يجد في خفاياها غزواً فكرياً مدروساً ومدعوماً من أعلى سلطة في أمريكا، وأن هذا الغزو الفكري يخدم كافة المصالح الأمريكية المختلفة: السياسية والاقتصادية والثقافية والعسكرية. وقد تنبه لخطورة “هوليوود” الرئيس الأسبق لدولة السوفييت البائدة “خروتشوف” حين قال بأنه: “يخشى هوليوود أكثر من خشيته الصواريخ الأمريكية العابرة للقارات”.
وفي هذا الصدد يذكر الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش -الأب- الذي أشرف على هندسة المراحل الأخيرة من الانهيار السوفييتي أن مدير شركة “مترو جولدوين ماير” كان يقول له: “إن الهمبورجر، والجينز، وهوليوود، وشركات السجائر، هي التي حسمت الحرب الباردة لصالح الولايات المتحدة الأمريكية”.
فلا غضاضة بأن نقول إن السينما الأمريكية ترافق السياسة الأمريكية الموجهة إلى العالم وتعمل معها جنباً إلي جنب وكأن هوليوود وزارة تابعة للبيت الأبيض لا يقل شأنها عن وزارة الخارجية أو عن البنتاجون.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *