لماذا اخترنا هذا الملف؟

إن قتل الذرية الذي كان سائدا في الجاهلية ونهي عنه الاسلام كان وأد البنات دون الذكور.. وكان يقترف جريمة الوأد هته الرجال دون النساء، لأن الرجل الجاهلي كان ينحاز للذكورة دون الأنوثة قال تعالى: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلاَ سَاء مَا يَحْكُمُونَ} أما اليوم فصارت جريمة الوأد -الإجهاض- تقترفها النساء، ولا تذهب ضحيتها الإناث فقط بل الذكور والإناث معا.

وأضحى الوأد -الإجهاض- في وقتنا ظاهرة منتشرة بشكل رهيب في العالم أجمع، تسجل أعلى نسبه في العالم الغربي، فقد أفاد التقرير الذي أعده معهد السياسة العائلية في النرويج أن أوروبا تتخلص من جنين بالإجهاض كل 27 ثانية.
وأن واحدًا من بين خمس حالات حمل في أوروبا تنتهي بالإجهاض.
ووفقًا لهذا التقرير فإن عدد الأجنة التي تتخلص منها أوروبا سنويًا يزيد بقليل عن عدد سكان قبرص، إذ إنه من بين 6.4 مليون حالة حمل حصلت عام 2006 في القارة الأوروبية، تم التخلص من 1.16 مليون منها، أي ما يزيد عن عدد سكان قبرص البالغ 790.000 نسمة.
وقد أشار التقرير إلى أن كلاً من بريطانيا وفرنسا ورومانيا وإيطاليا وألمانيا وإسبانيا مسئولة عن 77% من حالات الإجهاض في أوروبا.
أما في أمريكا فقد أشار تقرير معهد ألان جوتاماشر، والذي يعنى بأبحاث في مجال الصحة والنسل والتحليلات السياسية والتعليم العام، إلى حدوث 1.29 مليون حالة إجهاض في الولايات المتحدة عام 2002 بمقارنة بـ 46 مليون حالة إجهاض على مستوى العالم أجمع، ويضيف التقرير أن 88% من عمليات الإجهاض قد أجريت خلال الثلاثة أشهر الأولى من الحمل.
وتجرى في الولايات المتحدة الأمريكية حالة إجهاض واحدة مقابل كل ثلاث ولادات طبيعية.
فعلى الرغم من انتشار وسائل منع الحمل المختلفة في العالم الغربي، تبقى أرقام عمليات الإجهاض مرتفعة جدا، وذلك راجع لانهيار نظام القيم والأخلاق، وفشو الزنا والعلاقات الجنسية المحرمة، ففي الولايات المتحدة ثلث طالبات المدارس الثانوية يحملن من زنا ويوجد عيادات لمنع الحمل في المدارس، ويتم تدريس وسائل منع الحمل للفتيات في المؤسسات التعليمية ومع ذلك فالإجهاض في ارتفاع مستمر!
أما في المغرب فقد دقت بعض الدراسات ناقوس الخطر بسبب ارتفاعا نسبة الإجهاض، حيث أشارت إلى أن 800 عملية إجهاض تتم يوميا في المغرب، وهي أرقام تبقى مشكوكا في صحتها، خاصة وأن مثل هته العمليات تتسم بالسرية والتكتم وأن الوزارة الوصية نفسها لا تملك أرقاما ترصد الظاهرة.
وتسعى هذه الجمعيات ومن ورائها بعض الأحزاب إلى تعديل القانون المجرم للإجهاض، وإزالة العوائق القانونية والطبية والتنظيمية، التي تقف في وجه اكتساب المعلومات والحصول على خدمات منع الحمل “غير المرغوب فيه” بالنسبة للمراهقات وغيرهن، في سبيل السعي إلى تحقيق إجهاض آمن!
علما أنه كان الواجب على هذه الجمعيات أن تعمل عقلها، بعد أن تستجيب لنداء ربها وتحارب الزنا، السبب الحقيقي وراء استفحال العديد من الظواهر التي لم يكن يعرفها مجتمعنا من قبل ومن ضمنها الإجهاض.
بل دعت إلى إخراج الظاهرة من السر إلى العلانية وإلى إزالة ما لا لزوم له من عوائق قانونية وطبية وتنظيمية تقف في وجه اكتساب المعلومات والحصول على خدمات منع الحمل غير المرغوب فيه بالنسبة للمراهقات وغيرهن، وهو ما يعد تشجيعا على الرذيلة ودفع الفتيات إلى الوقوع في الفاحشة وتيسير سبيلها وإزالة جميع العوائق التي تقف في طريقها.
لقد جعل الإسلام الأصل في الإجهاض الحرمة، إلا في حالة الحمل الذي يشكل خطرا أكيدا ومحققا على حياة الأم، ففي هذه الحالة أجاز الفقهاء إجهاض الحمل مهما كان عمر الجنين.
وعلماء المالكية يمنعون الإجهاض مطلقا وفي أي طور كان الجنين، سواء قبل نفخ الروح فيه أو بعده، ومنعوا ذلك ولو قبل الأربعين يوما على ما هو المعتمد فى المذهب.
فقد جاء فى كتاب الشرح الكبير: “لا يجوز إخراج المني المتكون في الرحم، ولو قبل الأربعين يوماً، وإذا نفخت فيه الروح حرم إجماعاً”، علق الدسوقي فى حاشيته على ذلك فقال: “هذا هو المعتمد”.
ونقل الرهوني عن المعيار: المنصوص لأئمتنا المنع من استعمال ما يبرئ الرحم أو يستخرج ما فيه من مني وعليه المحصلون والنظار.
وقال ابن جزي: “وإذا قبض الرحم المني لم يجز التعرض له، وأشد من ذلك إذا تخلق، وأشد من ذلك إذا نفخ فيه الروح؛ فإنه قتل نفس إجماعاً” (القوانين الفقهية ص:235)، ونقله أيضا صاحب أسهل المدارك، وأقره.
فالدين يحرم الإجهاض، والقانون يمنعه ويغلظ في العقوبة المترتبة عليه، ومؤتمرات المرأة والتنمية والسكان تدعو وتضغط من أجل تطبيعه في المجتمعات التي تمنعه.
ولتجلية الصورة أكثر حول هذا الملف الهام، وتسليط الضوء على بعض جوانبه، ارتأت جريدة السبيل فتح هذا الملف؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *