سارة*: القانون يتساهل مع ظاهرة “الأمهات العازبات” والمسؤولية تتحملها الأسرة والمدرسة والشارع حاورها: مصطفى الحسناوي

لو تحدثينا عن قصتك، وكيف أصبحت أما غير متزوجة؟
عشت ظروفا قاهرة قاسية في البيت، وخطبني شاب ذو جنسية ألمانية، رأيت فيه منقذي من الجحيم الذي كنت أعيشه، تمت الخطبة وبدأ بجمع الوثائق المطلوبة لعقد القران، في تلك الفترة بدأت أذهب معه وأعاشره معاشرة الأزواج، إلى أن حصل الحمل، ذهب بعدها مباشرة إلى ألمانيا وبقي هناك لمدة 3 أشهر، وعاد مرفقا بالوثائق اللازمة لعقد القران، وذهبنا إلى المحكمة قصد إنجاز عقد الزواج، إلا أن القاضي لاحظ أنني حامل فرفض بحجة أننا متزوجان منذ مدة ويلزمنا ثبوت الزوجية وذهبنا في مسطرة ثبوت الزوجية، وطلب منا جمع الشهود الحاضرين أثناء الخطبة وفعلا قمت بجمعهم.
إلا أن تلك المسطرة كانت غير سارية المفعول آنذاك، فهم يوقفونها حينا ويسترجعونها حينا آخر، وبعدها يتم إلغاء تفعيلها، في ذلك الوقت كانت غير مفعلة حسب القاضي، وطلب منا أن ننتظر ريثما يجدون مسطرة أخرى لحالات مثلنا.
طالت الإجراءات، فسافر زوجي، وغاب عني ثلاث سنوات، كان يرسل خلالها كل ما يلزم مصاريفي ومصارف ابنه، لكن الاتصال انقطع فجأة بعد ثلاث سنوات، وأنا الآن أقوم بتربية ابني الذي بلغ من العمر 8 سنوات، وكل المسؤولية ملقاة على عاتقي.
طيب بالعودة إلى موضوع الأمهات العازبات من هي الأطراف التي تتحمل مسؤولية ظهور هذه الظاهرة في نظرك؟
في نظري تتحمل مسؤولية ذلك أطراف متعددة، وتتدخل فيه أيضا عوامل متنوعة، أذكر منها: الأسرة وحين أتكلم عن الأسرة فإني أتكلم عن التربية (التربية على الأخلاق والقيم والعفة والاحترام…) وكذلك المدرسة والشارع. القانون أيضا يتساهل مع هذه الظواهر فلا يضرب بيد من حديد. والفقر أيضا له نسبة كبيرة في تفشي هذه الظواهر.
في نظرك هل الرجل أم المرأة من يتحمل مسؤولية وقوع ذلك أكثر؟
في نظري هما معا يتحملان المسؤولية إلا أن المرأة والطفل وحدهما من يدفع الثمن باهظا.

إذا سألتك، عن أنواع الأمهات العازبات، يعني الأسباب التي جعلت كل حالة أما عازبة، كيف يمكنك حصرها وتصنيفها؟
هناك فتيات قاصرات تم التغرير بهن وهناك فتيات تم اغتصابهن
وهناك فتيات هن ضحايا الثقة في الحب وهناك ممتهنات الدعارة.

كيف تعيش الأم غير المتزوجة وكيف تحس؟
تعيش ظروفا اجتماعية قاهرة وقساوة المجتمع، الذي لا يكتف بجلدهن ألف مرة كل يوم بل يتجاوزهن ليشمل أبناءهن، وهؤلاء الأطفال يجدون صعوبة في الاندماح مع الآخرين خاصة إذا كان الآخرون يعلمون بحقيقتهم.
لكن أسوء ما تعاني منه الأم العازبة هو ذلك السؤال المحرج والمؤلم، من هو أبي؟ وهناك حالات تجهل الأم أب ابنها، إذا كانت ممتهنة دعارة، أو إذا تعرضت لاغتصاب جماعي.
ما هي مطالب الأم العازبة؟
الاهتمام بهؤلاء الأطفال وعدم التشهير بهم، وأركز على نقطة مهمة جدا، تتعلق بالقانون المعمول به والذي لا يضع في عقود ازديادهم، بدون أب ولكن يكتفي بجعل اسم الأب اسما مركبا. ثم إنهم لا يضعون أسماء والدي الوالد المجهول. أنا شخصيا أطالب بوضع أسماء افتراضية مثلا: عوض ريان بن سارة بنت خديجة ومن أب عبد الله نطالب جعله قانونيا ومن أب عبد الله بن عائشة مثلا، وهذا تفاديا لتمييزهم بين أقرانهم لئلا ينظر إليهم نظرة انتقاص فذلك يؤثر سلبا على عطائهم في الدراسة والعمل مستقبلا ويؤثر عليهم اجتماعيا. أيضا يجب الاهتمام بتوعية الناس أن هؤلاء الأطفال لا ذنب لهم في كل ما يحدث.

ما رأيك في هذا الاسم، (الأم العازبة)؟
هو أيضا فيه تعقيدات كثيرة فقد سبق لي أن ذهبت إلى نائب وكيل الملك بسبب مشكل لدي وقال لي هل أنت مطلقة؟ فقلت له: لا أنا أم عازبة، فطلب مني ألا أخبر القاضي بذلك لأنه لن يقبل حقيقة أنني أم عازبة، بالنسبة لي لا حساسية لي من هذه الكلمة، لكن بالنسبة للناس إذا قلت لأحد أنني أم عازبة يظن أني عاهرة وأنني وقحة ولم أحترمه.

هل تقوم الجمعيات المهتمة بالأمهات العازبات بدورها، أم أن الأمر لا يعدو أن يكون استغلالا لمعاناتهن ومتاجرة بملفاتهن؟
بالنسبة لي لم أقم بعرض مشكلتي على أي من تلك الجمعيات ولكن حسب ما يروج له الإعلام هناك جمعية عائشة الشنا بالدار البيضاء تقوم باحتواء الأمهات العازبات والأطفال المتخلى عنهم، لكن فقط داخل المركز حسب المعلومات التي لدي ومن خلال الإعلام، وهناك جمعية في وجدة ربما يطلق عليها اسم “أم البنين” تهتم بالأمهات العازبات ريثما يضعن أطفالهن …لكن شخصيا لم ألجأ إلى جمعية لمساعدتي أبدا، لأني أعتبر نفسي في وضع مختلف، ولازلت أنتظر عودة الأب.

ما هي رسالتك التي تودين إرسالها في الختام؟
رسالتي إلى الدولة أن تتحمل مسؤوليتها في التكفل بهؤلاء الأطفال، وعدم تهميشهم بحجة عدم المساهمة في الفساد، بالعكس ينبغي أن تضع أصبعها على الجرح لعلاجه وليس إخفاء الشمس الغربال كما يقال، وأعيب على الحكومة السابقة عدم إدماج هؤلاء الأطفال في صندوق التماسك الاجتماعي على غرار أقرانهم الأيتام، فهم في النهاية أبرياء ومواطنون مغاربة لهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات.
وكذلك أطالب الحكومة باستخراج قانون يجبر كل من ثبت أن الطفل ينتمي إليه حسب خبرة ADN بالاعتراف به.
وأطالب بتشديد العقوبات على مرتكبي الفساد الزجر الزجر ثم الزجر.
وأطالب الجمعيات الاهتمام بهذه الشريحة من المجتمع لأنني لا أجد فئة أكثر هشاشة من الأمهات العازبات وأطفالهن، وأطالب المجتمع أن يكف عن النظرة الدونية تجاههن وتجاه أطفالهن فكلنا مسؤولون عن هذه الظاهرة من الأسرة مرورا بالمدرسة ثم الشارع ثم الدولة، وتحياتي لمن يدعم هؤلاء الأطفال.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
* أم غير متزوجة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *