إن كل المعارك التي عرفها تاريخ جنوب وشرق ووسط المغرب ضد الاحتلال الفرنسي من 1298هـ إلى عام 1335 هـ/1916م وفي الأطلس الوسط، ثم توات، وتافيلات، وزيان، وآيت ورا، وأعالي ملوية، وبني يزناسن، ثم بني وراين، وفاس 1912 إما كان على رأسها العالم الجليل أحمد بن الحسن السبعي، أو بإشرافه أو ساعد عليها ثم وجه الرجال من أجل التمكين لها وشد أزر المقاتلين فيها، ويكفي أن يحفظ القارئ لتاريخ الجهاد اسم “آيت صغروشن” ثم يتنبه لوجودهم في كل ما كتبه مؤرخو الاحتلال للمناطق المذكورة، فمن هو أحمد بن الحسن السبعي رحمه الله؟.
هو أحمد بن محمد بن الحسن السبعي بسكون الباء: نسبة إلى جده الشيخ محمد السبع الحسني الإدريسي، دفين دويرة السبع في إقليم الرشيدية عند دائرة الريش.
وولادته كانت بصفرو في تاريخ غير محدد، وبفاس كانت نشأته، وبها تلقى العلوم مدة من نحو نصف القرن حتى أخذ منها بنصيب موفور، وكان بين أساتذته الأشياخ الأعلام: أحمد المرنيسي، ومحمد بن عبد الرحمن الحجرتي، وأحمد بناني كلا.
ومن عام 1281هـ اتصل بمربيه الشيخ محمد العربي بن محمد الهاشمي الحسني العلوي المدغري ولازمه إلى وفاته ثم انتقل إلى قصر دويرة السبع واستوطنه، وكان الطابع البارز في حياته هو الدعوة إلى الجهاد. انظر مظاهر يقظة المغرب الحديث لمحمد المنوني 2/486.
بعد وفاة الشيخ محمد بن الهاشمي الحسني العلوي المدغري الذي كان يكتفي بإرسال القوافل لقتال الفرنسيين وتمويلها لأنه كان قد تقدم في السن، وما كادت شخصيته تختفي حتى حل مكانه الشيخ السبعي في التوجيه والإرشاد، بل والقيادة الفعلية للمعارك الحربية بطريقة لم تعرف في عهد شيخه، كما أن هذه الفترة تتوفر على سيل من خطب الجمعة من تافيلالت إلى فجيج تبين لنا نشاط أئمة المساجد في الدعوة إلى الجهاد والوقوف في وجه العدو الكافر المتربص بالإسلام والمسلمين.
كما تبين لنا مراسلات هذا الشيخ الوقور رحمه الله، التي كان يوجهها إلى مختلف جهات الأطلس أنه صاحب الفضل في الجهاد المسلح ضد الاحتلال الفرنسي بشدة وعنف خصوصا تلك التي قبيل عقد الحماية وبعده.
كما أنه رحمه الله قاد معركة لمنابهة والتي قتل فيها الملازم “كانونج”، ومعركة بوذنيب بتاريخ 13-23 ماي 1908م حيث قتل من الفرنسيين حوالي 700 جندي وضابط وغنم سلاحهم، وإثرها تراجع الفرنسيون عن بوذنيب نفسه، والذي كانوا قد احتلوه بمساعدة الجاسوس محمد أفقير.
لقد كانت معركتا لمنابهة وبوذنيب ساخنة جدا وعنيفة كل العنف، رغم ما غنم منها المغاربة من سلاح وذخيرة، لكن رجالات الجيش الفرنسيين لم يتحملوها وصمموا على جلب كل ما يستطيعون جلبه للمنطقة، رغم أن السبعي رحمه الله كان في المستوى حيث عمل باتصالاته ومراسلاته لجهات مختلفة شرقا، حتى تفتح واجهات متعددة تخفف الضغط على رجاله في بوذنيب، لكن المعارك انتهت بتغلب الفرنسيين، أما الشيخ السبعي فإنه من وقتها خطط تخطيطا طبقه بقية حياته وهو أن لا يستقر الغزاة أبدا، وأن يعمل على تحطيم مخطط الفرنسيين كلما أمكنه ذلك، وفعلا انتقل إلى جبل دارق حيث اتخذ له معسكرا كان منه المنطلق إلى مختلف الجهات التي كان الفرنسيون يلاقون فيها الشدائد بسبب حرب العصابات التي كان السبعي أول من شرعه في المغرب، والذي دام عليه مدة ثمان سنوات إلى أن توفي رحمه الله بقصر آيت أحمد وسليمان يوم الأحد 28 قعدة عام 1335 هـ/1916م وإثرها نقل إلى برج آيت الرامي حيث قبره بآيت يوسي كما بقي ذكره على كل لسان في الأطلس المتوسط والجنوب الشرقي.
هذه لمحة عن بطولات هذا الشيخ المجاهد ضد الغزاة، وعن شجاعة قل مثلها في ذاك الزمان شجاعة مرغت أنف فرنسا في التراب.