“آسية”: مشكلتنا مع الإسلام بأفكاره ولا نخشى الأجهزة الأمنية وإنما المسلمين “الصلاعمة” و”البوتسوانيين”.. أجرى الحوار: مصطفى الحسناوي

ْ
مجموعتنا فيها 1400 عضو وهناك مئات صفحات الملاحدة ونشترط التزكية ولا نقبل كل من يطلب الإضافة..
“السبيل” ترصد أنشطة ملاحدة المغرب من خلال تتبع الصفحات والمجموعات والحسابات الشخصية لعدد من الملاحدة، وتسلط الضوء من خلال هذا الحوار، مع “آسية” (اسم مستعار)، على أكبر مجموعة فيسبوكية سرية للملاحدة المغاربة تضم 1400 عضو..
استطعنا الوصول لـ”آسية” المشرفة على المجموعة والتواصل معها لتضعنا في صورة نشاط الملاحدة المغاربة على مواقع التواصل الاجتماعي، أعدادهم التقريبية.. دوافع إلحادهم.. أهدافهم ارتباطاتهم ومطالبهم..

ما طبيعة المجموعة التي تشرفين عليها؟
هي مجموعة فيسبوكية سرية، أشرف عليها منذ ستة أشهر، وتضم 1400 عضو، من النشطاء المغاربة.
ماهي شروط دخول هذه المجموعة؟
نشترط المعرفة الشخصية والتزكية، فلا نقبل كل من يطلب الإضافة، ولا نعلن عن أنفسنا، لإبقاء مجموعتنا فضاء آمنا يحافظ على خصوصيتنا، وكل الأعضاء يتقابلون ويتعارفون فيما بينهم، ونقوم بزيارات لعدد من المدن.
ما الذي يجمعكم في هذه المجموعة؟
لدينا تواصل مع عدد من المجموعات الإلحادية، في العالم العربي والدول المغاربية، نتبادل الآراء والأفكار..
تجمعنا الأسئلة الوجودية، يجمعنا البحث، والتمرد على الأعراف والتقاليد والدين، نحن لسنا على مستوى واحد من المعرفة ولا حتى على أرضية واحدة من القناعات، المجموعة فيها الربوبيين والملاحدة واللاأدريين والمتشككين، ويمكن أن ينتقل الشخص بين قناعة وأخرى من هاته القناعات والمدارس، ويمكن أن نضيف لمجموعتنا اليهود والمسيحيين المغاربة الذين عندهم تساؤلات، شرط أن نعرفهم معرفة شخصية أو يزكيهم لنا أحد الأشخاص، لأننا نخشى من الاختراق.
مقاطعا، الاختراق، هل تظنون أنكم بمنأى عن المراقبة من الأجهزة الأمنية؟
لا؛ ليس هذا قصدي، نحن لا نخشى من الأجهزة الأمنية، ونعلم أن الدولة لا تهتم لأمرنا ولا تحاربنا، لأننا لا نشكل أي خطر، أنا أقصد الاختراق من طرف المسلمين الصلاعمة والبوتسوانيين.
ماذا تقصدين بالصلاعمة والبوتسوانيين؟
الصلاعمة هم المسلمون المتدينون سواء الذين درسوا الدين أو الذين ينتمون لجماعة من الجماعات الإسلامية، وكل من يفهم الدين وتدين عن معرفة وقناعة، ونسميهم صلاعمة نسبة لنبيهم (صلى الله عليه وسلم) الذي يقتدون به ويقلدونه ويتبعونه.
أما البوتسوانيين، فهم المسلمون السذج السطحيون، ونعتبرهم ضحايا جهلهم، فهم متدينون بدين لا يعرفون حقيقته، ونصطلح عليهم ذلك الاسم نسبة للدولة الإفريقية المتخلفة بوتسوانا، دليلا على الجهل والبعد وعدم مواكبة الحقائق.
إذن مشكلتكم كملاحدة مع الدين الإسلامي فقط؟
نعم مشكلتنا مع الإسلام بأفكاره، والمسلمين بتصرفاتهم ومعاملاتهم وردود أفعالهم، فهم وحدهم الذين يهددوننا، ويبلغون عن صفحاتنا، ولا نجد ذلك مع أتباع أي ديانة أخرى.
ماهي الشريحة التي تقبل عليكم؟
من كل الشرائح والمستويات والطبقات، من المتعلمين والأميين والشباب وكبار السن والمراهقين والنساء والرجال، لكن هناك ظاهرة ملفتة، أن عددا من الملحدين، مروا من تجربة تدينية سابقة، أو كانوا أعضاء في جماعة إسلامية.
لماذا في نظرك؟ أو دعيني أسألك شخصيا ما الذي دفعك للإلحاد؟
قبل أن أجيبك عن تجربتي الشخصية، أود أن أجيبك عن الشق الأول من سؤالك، من خلال احتكاكي بعدد من الملاحدة الذين مروا بتجارب تدينية، غالبهم انتمى لجماعات إسلامية تقدم قراءة معينة للدين وتشتغل من خلالها، يكون الشخص متقوقعا داخل تلك الجماعة وفهمها، وفي أول فرصة للاحتكاك والخروج من القوقعة، تقع له صدمة، ويبدأ في إجراء المقارنات والاختبارات للقناعات التي تلقاها، فيجدها لا تصمد، أو يكتشف خلافها، فيتمرد على كل شيء.
بالنسبة لي شخصيا، بدأت أتساءل بخصوص مجموعة من المسلمات والمعتقدات، وبعد رحلة بحث طويلة اكتشفت أن كل الأديان هي منتوج بشري، من أجل الإخضاع والضبط والتحكم والسلطة، لم أصل بعد لأجوبة كافية شافية، لكنني لست ملحدة، أحيانا أكون ربوبية، حين أكون في ضائقة مثلا، احتاج لأن يكون معي هذا الخالق الذي خلق الكون والذي لا أعرف عنه أي شيء، وأحيانا أكون لا أدرية أو متشككة.
وما الفرق بين هذه الأصناف؟
الملحد هو الذي يجزم بعدم وجود الإله أو الخالق، فهو يؤمن قطعا بعدم وجوده، الربوبي هو الذي يؤمن بالخالق، لكنه لا يؤمن بالأديان والأنبياء والرسالات، المتشكك، هو الذي يشك في كل شيء فهو تارة يشك أن هناك إله، وتارة يشك في عدم وجوده، أما اللاأدري، فهو ذلك الشخص الذي لا يهتم ولا يدري أي شيء فلا يثبت ولا ينفي ولا يشك ولا يبحث ولا يشغل نفسه.
وهل هذه الأصناف درجات أو رتب واحدة منها توصل إلى الأخرى؟
لا أبدا قد يمسي الإنسان ملحدا ويصبح ربوبيا، وقد يصبح لا أدريا ويمسي متشككا، وقد يمر في هذه الأمور كلها في وقت وجيز، فهي رحلة بحث مضنية، نبحث فيها عن الحقيقة.
ماهي مطالبكم وأهدافكم؟
ليس لدينا أي مطالب، ولا أهداف، نريد فقط أن نعيش بسلام، نحن نلتقي مع بعضنا وتربطنا علاقات صداقة فيما بيننا، ومجموعاتنا هذه هي كالمجتمع المصغر الذي نبحث فيه عن ذواتنا ونناقش همومنا الشخصية ومشاكلنا، خاصة أولئك الذين تضطهدهم عائلاتهم وتطردهم بعد أن تعلم بإلحادهم، فالمجموعة كالمتنفس لنا.
هل لديكم ارتباطات أو تواصل مع جهات خارجية؟
لدينا تواصل مع عدد من المجموعات الإلحادية، في العالم العربي والدول المغاربية، نتبادل الآراء والأفكار.
هل تفكرون في إنشاء إطار لتعلنوا عن أنفسكم مثلا؟
لا أبدا ليست لنا هذه النية، فنحن لسنا مجموعة تبشيرية، لا نحاول نشر أفكارنا ولا نريد ذلك، نحن لا نبحث عن الناس، الذي يلحد يبحث عنا، ونحن لا نفكر أن ننظم عملنا ولا نية لنا في إنشاء جمعية أو حزب، وأعضاؤنا يشتغلون من داخل الجمعيات الحقوقية، لتعزيز حرية المعتقد وحرية الضمير وحرية الفكر، وهذا سيعطينا مساحة أكبر مستقبلا للتواجد.
ختاما بحكم نشاطك في هذا المجال كم تقدرين عدد الملاحدة على مواقع التواصل الاجتماعي؟
يصعب صراحة حصر العدد، لكن في العالم العربي يقدرون بمئات الآلاف، هناك عشرا إن لم أقل مئات الصفحات للملاحدة، في المغرب توجد صفحة الملاحدة المغاربة، وعدد من الصفحات التي تصل إلى عشرة ألاف معجب أو متابع، المجموعات السرية أيضا كثيرة، قلت لك مجموعتنا فيها 1400 عضو، من الذين نعرفهم شخصيا ونتزاور فيما بيننا، الحسابات الشخصية لبعض الملاحدة والربوبيين كسعيد بنجبلي وكافر مغربي، يتابعها الآلاف، ويتفاعل معها المئات، عموما يمكن أن أقول لك أن مجموع المتفاعلين والمتابعين للصفحات والحسابات الفيسبوكية في المغرب يصل إلى مائة ألف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *