إعادة أبنائنا إلى الطريق الصحيح مسئولية الجميع “إن العلوم الحديثـة تحسن أن تعلم أبناءنا المعاني والمعارف، ولكنها لا تحسن أن تعلم عيونهم الدموع، وقلوبهم الخشوع”. محمـد إقبال

إن مسؤولية إعادة تشكيل تربية النشء على هدي الكتاب والسنة مسئولية تقع على عاتق كافة المؤسسات المشكلة للمجتمع، فعلى البيت مسئولية، وعلى مناهـج التعليم مسئولية، وعلى المدرسـة مسئولية، وعلى الإعـلام مسئولية، وعلى الشـارع مسئولية، فالمسئولية تقع على كواهل الجميع.

البيت هو اللبنة الأولى في مشروع الإصلاح
فالبيت هو المدرسة الأولى لكل نَشْء، وهو المكان التربوي الأكـبر الذي يؤثر في شخصية الطفل وتكوينه، فعلى الوالدين أن يبذلا جهدهما ما استطاعا إلى ذلك سبيلا، وذلك بأخذ الأسباب الشرعية والكونية، وغرس الدين في نفوس أبنائهم، وتربيتهم على التقوى ومراقبة الله في خلواتهم وجلواتهم، وتوجيههم التوجيه الشرعي الصحيح في سلوكهم في كافة دروب الحياة.
فالأولاد أمانة في أعناق آبائهم، ويدخلون ضمن مسئولياتهم، ويا لها من مسئولية!! عندها تتوارى كل المسئوليات، فالأبوة بمعناهـا الحقيقي هي العطـاء بلا حدود، هي العطف، هي الحنان، هي الرحمة، هي الشفقة، هي البذل والتضحية بكل غال وثمين، هي النصيحة هي الاهتمـام، هي الشعور بمشاعر الأولاد ومعايشة أحزانهـم وأفراحهم وحوائجهم، فالأبـوة في خصالها السامية لم ولن تعادلها مسئولية قط.
الإعلام سلاح ذو حدين
الإعلام له دور خطير في توجيه النشء، فهو سلاح فعال في تعليم أبنائنا الأخـلاق العالية والمثل السامية إذا أحسن استغلاله، وسلاح مدمر للفرد والأسرة والمجتمع إذا أسيء استغلاله، فإن الكثير من وسائل الإعلام المختلفة المسموعة والمرئية والمقروءة تعزف على وتر الجنس، وعلى وتر أخلاق الغرب التي تصطدم بديننا الحنيف، وتقاليدنا العريقة، وبعض هذه الوسائل تعزف على وتر التحرر بمعنى التنصّل من الأحكام الشرعية ودين رب البرية.
ولذا أصبح الولد ينظر إلى أبيه المحـافظ صاحب الأخلاق والفضائل نظرة احتقار وازدراء وسخرية، هكذا أُشرب في قلبه أن كل من يتمسك بالأخـلاق الفاضلة فهو رجل رجعى، ماضوي. فلا غرابة أن نجد ولداً يقول لأبيه: أنت رجل رجعي لا تعيش عصرك، أنت لا تعيش زمانـك، إنكم مازلتم تعيشون في مجاهـل القرون الماضية.
والعزف بصورة واضحة على نغمة التحرر، جعل الأبناء يتمردون على كل شيء، على سلطة الأسرة، على سلطة الوالدين، بل وتمرد الأولاد أخيراً على سلطة الدين، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
مؤسساتنا التعليمية
المدرسة أب ثان وأم ثانية لنشء هو قرة أعيننا، فإن ما ينتشر داخل مؤسساتنا التعليمية من فساد خلقي، وعدم احترام التلاميذ والطلبة لأساتذتهم ومعلميهم، وانتشار المخدرات على نطاق واسع، والتبرج والتهتك، وفتح باب الشهوات والغرائز أمام شباب هم في عنفوان المراهقة، يفقد مثل هذه المؤسسات التعليمية مصداقيتها، بل يفقدها السبب والهدف الذي أنشئت من أجله، لذا يجب أن تعود المدرسة من جديد إلى دورهـا الريادي في التربية، قبل أن تعلم أبناءنـا العلم، فمن أجمل ما قال محمـد إقبال رحمه الله: “إن العلوم الحديثـة تحسن أن تعلم أبناءنا المعاني والمعارف، ولكنها لا تحسن أن تعلم عيونهم الدموع، وقلوبهم الخشوع”.
فعلى الآباء والقائمين على المؤسسات التعليمية والمناهج الدراسية والمنابر الإعلامية أن يكونوا على مستوى المسؤولية الملقاة على عاتقهم، “فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته”، فهم يبنون عقول نشء من شأنه أن يكون غدا مكونا أساسا من مكونات المجتمع.
والله إن لم نرب أولادنا على مناهج ربانية محمدية فسوف نجني أسوأ الثمار، بل سوف نجني أشواكا تجرحنا وتؤذينا قبل الآخرين.
نسأل الله أن يقر أعيننا بصلاح أبنائنا وستر بناتنـا، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *