حب الصحابة من أصول الإيمان عند أهل السنة والجماعة؛ لأنهم صفوة البشر الذين اختارهم الله لصحبة نبيه ونشر دينه، فهم الذين حفظوا لنا كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وبلغوا ذلك إلينا. ولولا هؤلاء الثلة الأخيار لضاعت شرائع الإسلام كما ضاعت اليهودية والنصرانية، ومن هنا كان الطعن في الصحابة طعناً فيما حملوه إلينا من الوحي، وقد ورد في فضائل الصحابة من نصوص الكتاب والسنة ما يوجب محبتهم والذب عنهم وبغض منتقصيهم، فنحن نحب الصحابة لما يلي:
1- نحب الصحابة لأن الله تعالى قد رضي عنهم فقال سبحانه: (لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا) [الفتح:18].
2- لأن الله تعالى وصفهم بالإيمان، فقال: (هُوَ الَّذِيَ أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ) [الأنفال:62].
3- نحب الصحابة لأن الله عز وجل زكاهم ووصفهم بالفلاح ووعدهم الجنة، فقال سبحانه: (لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ جَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَأُوْلَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ، أَعَدَّ اللّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [التوبة:89].
4- نحب الصحابة لأن الله عز وجل قال: (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) [آل عمران:110].
قال ابن عباس: هم الذين هاجروا مع محمد صلى الله عليه وسلم.
5- نحب الصحابة لأن الله عز وجل يحبهم كما قال: (فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ) [المائدة:54]، قال الحسن: والله ما هي لأهل حروراء، ولكنها لأبي بكر وعمر وأصحابهما.
6- نحب الصحابة لأن الله عز وجل نعتهم بالإيمان فقال: (وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) [الأنفال:74].
7- نحب الصحابة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل محبتهم علامة الإيمان وبغضهم علامة النفاق، فقال صلى الله وعليه وسلم: «آية الإيمان حب الأنصار وآية النفاق بغض الأنصار» [متفق عليه].
8- نحب الصحابة لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذكرهم بسوء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا ذكر أصحابي فأمسكوا؛ وإذا ذكر النجوم فأمسكوا؛ وإذا ذكر القدر فأمسكوا».
9- نحب الصحابة؛ لأن النبي صلى الله وعليه وسلم جعلهم خير الناس وأفضلهم، فقال: «خير أمتي القرن الذي بعثت فيه؛ ثم الذين يلونهم؛ ثم الذين يلونهم» [رواه مسلم].
10- نحب الصحابة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن سبهم، فقال: «لا تسبوا أصحابي؛ فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصفيه». [رواه مسلم].
11- نحب الصحابة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن من سبهم فقال: «لعن الله من سب أصحابي» [الطبراني].
12- نحب الصحابة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن النصر والفتوحات تكون على أيديهم وعلى أيدي أتباعهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «يأتي على الناس زمان يغزو فئام من الناس فيقال لهم: هل فيكم من صاحب رسول الله صلى الله وعليه وسلم؟ فيقولون: نعم، فيفتح لهم. ثم يأتي على الناس زمان فيغزو فئام من الناس فيقال لهم: فيكم من صاحب أصحاب رسول الله صلى الله وعليه وسلم؟ فيقولون: نعم، فيفتح لهم، ثم يأتي على الناس زمان فيغزو فئام من الناس فيقال لهم: هل فيكم من صاحب من صاحب أصحاب رسول الله صلى الله وعليه وسلم؟ فيقولون: نعم، فيفتح لهم» [متفق عليه].
13- نحب الصحابة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل حفظهم ورعايتهم حفظاً له عليه الصلاة والسلام، فقد قال:«أحفظوني في أصحابي ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم» [رواه ابن ماجه وصححه الألباني في صحيح الجامع].
14- نحب الصحابة؛ لأنهم أهل العلم والفضل والأخلاق والصدق كما قال النبي صلى الله وعليه وسلم: «أرأف أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدهم في دين الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان، وأقضاهم علي، وأفرضهم زيد بن ثابت، وأقرؤهم أبي، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، ألا وإن لكل أمة أميناً، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح» [الحاكم في المستدرك وصحيح الجامع].
قال ابن مسعود رضي الله عنه في وصف النبي صلى الله وعليه وسلم وأصحابه: “من كان مستناً فليستن بمن قد مات فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة، أولئك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أبر هذه الأمة قلوباً وأعمقها علماً وأقلها تكلفاً، قوم أختارهم الله تعالى لصحبة نبيه، وإقامة دينه، فاعرفوا حقهم وتمسكوا بهديهم، فإنهم على الهدي المستقيم [رواه ابن عبد البر].
وقال الفضيل بن عياض: “حب أصحاب محمد ذخر أدخره. رحم الله من ترحم على أصحاب محمد صلى الله وعليه وسلم”.
وقال ابن المبارك: “خصلتان من كانتا فيه الصدق وحب أصحاب محمد صلى الله وعليه وسلم أرجو أن ينجو ويسلم”.
فتصديقا لكتاب ربنا؛ وعملا بسنة نبينا؛ واقتداء بمنهج سلفنا؛ نحب صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ونوقرهم ونكف عما شجر بينهم، ونحط على كل من عابهم أو انتقصهم.