أستاذ علم الاجتماع د. محمد السلمي*: انتشار التفاهة يكون على حساب ما ينفع الناس، وزحف الفساد يقلص من مجال الصلاح

 

لماذا في رأيك انتشرت ثقافة “البوز التافه”، والشهرة المزيفة، هل يرجع ذلك لتغيرات وتحولات اجتماعية، أم أن الأمر مفتعل، وماهي الآثار الاجتماعية لانتشار هذه التفاهة؟

تعتبر الشهرة المزيفة الناتجة عن الرداءة والتفاهة أو عن الفساد، إحدى مظاهر الخلل في المجتمعات المعاصرة التي تهيمن مواقع التواصل الاجتماعي بشكل خطير على سلوك أفرادها وأذواقهم واهتماماتهم وفكرهم.

فالصعود إلى القمة يتطلب جهدا، لكن الهبوط سهل. لذلك فخيار الانحدار قد تميل إليه النفوس الضعيفة، ثم سرعان ما يتحول المشهد إلى كرة ثلج تجرف معها الآخرين. فقد يجهل الناس أسماء العلماء والمفكرين الكبار، والمصلحين المنتجين المخترعين لما ينفع البشرية، وتجدهم في المقابل يعرفون تفاصيل الحياة الخاصة لأشخاص تافهين.

فانتشار التفاهة يكون على حساب ما ينفع الناس، وزحف الفساد يقلص من مجال الصلاح. ولهذا فالانخراط العفوي في متابعة هذه التفاهات والانسياق مع أمواجها ـ إعجابا أو نشراـ يعد نوعا من المشاركة والتواطؤ غير اللائق بذي عقل. فإذا كانت القوانين تدين من يساهم في نشر بعض المواد عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أو يبدي إعجابه بها، فإن الوازع الأخلاقي يقوم مقام القانون، في بناء نوع من الرقابة الذاتية التي تحول دون مساهمة الفرد فيما يضر بقيم المجتمع.

إن تفاهات “البوز” تمهد الطريق لقيم السطحية والشعبوية، وتحظى للأسف الشديد بدعم إعلام رسمي يمول من جيوب المواطنين وعلى حساب المستضعفين. وما أكثر البرامج الإعلامية التي تصنف ويصنف أصحابها و”أبطالها” ضمن قائمة البوز التافه. وإذا كان البعض يقرأ خلف سطور ظاهرة شهرة التفاهة نظرية المؤامرة، الساعية إلى الإلهاء وقتل الحس النقدي لدى “سكان” مواقع التواصل الاجتماعي الذين تجرفهم الموجة بوعي أو بدونه، فإن المسؤولية ملقاة على النخب و”المثقفين العضويين” والمجتمع المدني والإعلام الرسالي من أجل التصدي لهذا الخطر.

إنه بالفعل خطر يهدد قيم المجتمع وكيانه، ومن أولى ضحاياه “الأبطال” الوهميون لهذه الشهرة التافهة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

*  د. محمد السلمي مناضل حقوقي وأستاذ علم الاجتماع بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *