احترام الخصوصية الوطنية والتدخل في شؤون الدول

تنص الأمم المتحدة أن أنها تحترم السيادة الوطنية ولا تتدخل في الشؤون الداخلية للدول، وهذا ما نص عليه الميثاق الذي بموجبه أسست هيئة الأمم المتحدة، فضلاً عن أن المجلس الاقتصادي والاجتماعي (1946) -والذى تتبعه لجنة مركز المرأة صاحبة الوثيقة هو مجلس استشاري فحسب، لا يحق له التدخل في الشئون الاقتصادية أو الاجتماعية للدول الأطراف وفقًا للائحته التأسيسية.
بينما جاءت الوثيقة (القضاء على كافة أشكال العنف ضد النساء والفتيات) لتنص مرة واحدة على “الخصائص الوطنية”، ومرة واحدة على “الأولويات الوطنية”، وفي كلا المرتين، يسبقها أو يتبعها ما يُلاشي أثرها، مثال ذلك: في الفقرة (15): “على الرغم من أهمية ألا تغيب الخصائص الوطنية والإقليمية ومختلف الخلفيات التاريخية والثقافية والدينية، فإن من واجب الدول بصرف النظر عن نظمها السياسية والاقتصادية والثقافية تعزيز وحماية جميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية”!!
والفقرة (34) التي نصت على: “تحث اللجنة الحكومات، على جميع المستويات، وحسب الاقتضاء، مع الهيئات ذات الصلة في منظومة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والإقليمية، في إطار ولاية كل منها، وإذ تضع في الذهن الأولويات الوطنية، وتدعو المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان حيثما وجدت والمجتمع المدني، بما في ذلك المنظمات غير الحكومية، والقطاع الخاص، ومنظمات أرباب العمل، والنقابات العمالية، ووسائل الإعلام والجهات الفاعلة الأخرى ذات الصلة، حسب الاقتضاء، إلى اتخاذ الإجراءات التالية…”.
أما باقي الوثيقة فحدث ولا حرج، فقد جاءت كثير من البنود لتنص على “إلغاء الممارسات والتشريعات..”، “اتخاذ التدابير”، “الامتناع عن استخدام المبررات الاجتماعية”، “الالتزامات الدولية، الالتزام بالتنفيذ الكامل والفعال”، “تشدد اللجنة على” ومثال توضيحي الفقرة (34/ ذ): “استعراض وعند الاقتضاء، تنقيح أو تعديل أو إلغاء جميع القوانين والأنظمة والسياسات والممارسات والأعراف التي تميز ضد المرأة أو أن يكون لها أثر تمييزي على المرأة، وضمان أن أحكام النظم القانونية المتعددة، حيثما وجدت، تتوافق مع الالتزامات بالمبادئ الدولية لحقوق الإنسان، بما في ذلك مبدأ عدم التمييز”!
وأكثر تلك البنود وقاحة، البند (34/ط) الذي نص على: “الامتناع عن استخدام المبررات الاجتماعية لحرمان المرأة من حرية التنقل، ويأتي البند الطامة الكبرى( البند 14) “….والامتناع عن التذرع بأي عرف أو تقاليد أو اعتبارات دينية للتهرب من التزاماتها”.
وحتى التحفظات التي وضعتها الحكومات عند التوقيع على الاتفاقيات الدولية، والتي تُعَدُّ حقٌ لها نجد الوثيقة تطالب في البند (34/ أ) بـ: “..الحد من نطاق أية تحفظات، مثل صياغة أية تحفظات بدقة وتضييقها قدر الإمكان لضمان عدم إبداء تحفظات لا تتفق مع الهدف والغرض من الاتفاقيات، واستعراض التحفظات بشكل منتظم بغية سحبها وسحب التحفظات التي تتعارض مع موضوع وهدف المعاهدة ذات الصلة، وتنفيذها بالكامل عن طريق وضع تشريعات وطنية وسياسات فعالة”!
(قراءة تحليلية لمضمون وثيقة (القضاء على كافة أشكال العنف ضد النساء والفتيات) وتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية)؛ دة. سيدة محمود محمد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *