كل المنصفين يفهمون ما يتعرض له الحزب، ويقدرون حجم وطبيعة الضغوطات الممارسة عليه، وأي محاولة تبخيس أو استخفاف بها لن تجدي نفعا، كما أن كل محاولة تبرير وتسويغ بجرعات أكبر مما يحتملها السياق ستكون مدمرة.
قسمت القيادية بحزب العدالة والتنمية، آمنة ماء العينين، المتفاعلين مع الأحداث السياسية وتداعياتها على حزب العدالة والتنمية إلى مجموعات:
1. الشامتون المتربصون بالحزب من خصومه وأعدائه، يتمنون أن يتطور النقاش إلى نزاع فصراع فانشقاق يليه موت الحزب والتحاقه بالجثث الحزبية الحية الميتة، وهي موجودة دون تعميم، ليحققوا هدفا عجزوا عن تحقيقه بكل الوسائل فيما سبق.
2. المتحسرون على الارتداد الذي يشهده مسار تجربة ديمقراطية وليدة، ومنهم كثير لا يشتركون مع الحزب مرجعيته الأيديولوجية لكنهم آمنوا بالمعركة التي قادها بنكيران ومن ورائه الحزب، لإعادة الاعتبار للإرادة الشعبية وللعملية الديمقراطية.
3. المتعاطفون مع الحزب الذين تفهموا تفاعله الإيجابي مع بلاغ الديوان الملكي لمعرفتهم بمنهج الحزب القائم على عدم الدخول في صراع مع الملكية باعتبار ذلك “عقيدة سياسية” كما قال بنكيران دائما، وكما تشبث به في موقف بطولي لإقناع الحزب في ظرف صعب. لكنهم لم يتفهموا أبدا استمرار الحزب في تقديم تنازلات أخرى يعتبرون أنها غير مبررة.
4. مناضلو الحزب الذين انقسموا إلى اتجاهين: اتجاه يقول بضرورة الانحناء للعاصفة ولو “بانبطاح” بدعوى أن الاستمرار في ابداء أي نوع من الصمود -ما بعد بنكيران- قد يؤدي إلى “طحن الحزب” ومعه مشروع الإصلاح، ويقدمون لذلك مؤشرات قد تكون حقيقية، وقد يكون بعضها مضخما نفسيا -بدون قصد-حرصا على مصلحة الوطن والحزب، ولا يمكن لأحد أن يشكك في نضاليتهم وصدقهم.
ثم اتجاه ثان لم يقل بخيار المعارضة، ولم يعترض على قرار القبول المؤلم بإزاحة بنكيران، لكنه يقدر أن التنازلات التي قدمت فيما بعد، كانت غير مبررة وأن رأس بنكيران لم يكن بأي مقابل ديمقراطي وليس مادي أو مصلحي، اتجاه يناضل بمسؤولية لأجل الحفاظ على هوية الحزب المناضلة لأجل توسيع مجال الديمقراطية. هؤلاء أيضا لا يمكن لأحد أن يزايد على صدقهم ونضاليتهم.
5. فئة تتسم بالنزق والرعونة لا يعجبها العجب، ولا تبحث لمواقفها وتصريحاتها عن قصد أو غاية، تدمر أكثر مما تبني.
وأوضحت ماء العينين أن مسؤولية الدكتور سعد الدين العثماني اليوم مع قيادة الحزب هي حسن الانصات لمختلف التفاعلات وعدم تبخيس أثرها، مع أهمية تفهم أي رد فعل غاضب من طرف الصادقين من مناضلي الحزب ومتعاطفيه وكل الذين علقوا آمالا على تجربة الحزب لتحقيق انتقال حقيقي.
كما أشارت ماء العينين في تدوينة لها بعنوان: (حزبنا…..أداة الاصلاح)، أنه لابد من الانتباه إلى أن حزب العدالة والتنمية نحت تميزه من خلال تمسكه بمبادئ أساسية عاصمة لم يتخل عنها في أحلك اللحظات، فاقتنع الناس وتمسكوا بالحزب.
مسؤوليتنا اليوم هي الاستمرار في إقناع المغاربة باختياراتنا لأن منهجنا قائم على الاقناع، ولم نستعن يوما بسلطة أو مال أو غيره… ولكي نستمر في الاقناع، لابد أن نكون نحن مقتنعين، لأن بنكيران هزم خصومه بشفافيته وإيمان الناس بصدقه معهم ومع نفسه.
كل المنصفين يفهمون ما يتعرض له الحزب، ويقدرون حجم وطبيعة الضغوطات الممارسة عليه، وأي محاولة تبخيس أو استخفاف بها لن تجدي نفعا، كما أن كل محاولة تبرير وتسويغ بجرعات أكبر مما يحتملها السياق ستكون مدمرة.
دعونا نقول أن الحزب قدم كل التنازلات (صبر على حملة استهداف ظالمة وقاسية منذ قبل الانتخابات، إن لم نتحدث عما قبلها منذ بداية تجربته الحكومية، قدم تنازلا بقبول التخلي عن حزب الاستقلال وتمرير انتخاب رئيس مجلس النواب ودخول الاتحاد الدستوري، ثم التنازل الأكبر والأصعب وهو إزاحة أمينه العام (بما يمثله للحزب ولجزء كبير من الشعب)، يستمر الحزب اليوم في تقديم تنازلات قاسية أخرى بقبول الاتحاد الاشتراكي وما قد يعلن عنه من تشكيلة حكومية.
من الطبيعي أن نمنح الناس حقهم في أن يعيشوا آلام الزلزال ويعبروا عنها ليستجمعوا قوتهم لإكمال مسار النضال
تنازلات قدمها الحزب من موقع قوة وشرعية شعبية وانتخابية… يظل السؤال الكبير المشروع يطرح نفسه: ما الذي قدمه الآخرون من تنازل لصالح الوطن أيضا؟ ما الغاية الحقيقية من محاولات الإذلال التي يتعرض لها الحزب، هي عقاب على ماذا بالضبط؟ من حقنا معرفة الجواب.
وختمت عضوة فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب كلامها بأنه لابد من التأكيد على أن وحدة صف الحزب هي خط أحمر حقيقي وأن من يعرف الحزب، يعرف جيدا أن كل النقاش الدائر بداخله اليوم هو نقاش صحي ينم عن حياته ونبضه القوي، فلا داعي للتخوف أو تبادل الاتهام . من الطبيعي أن نمنح الناس حقهم في أن يعيشوا آلام الزلزال ويعبروا عنها ليستجمعوا قوتهم لإكمال مسار النضال.
العدالة والتنمية الحقيقي هو النضال الصادق لما فيه مصلحة الوطن والشعب، بما دون ذلك، لن يمكنه الاستمرار مهما حقن بأمصال التسويغ والتبرير.
لابد من دعم الدكتور سعد الدين العثماني الذي تظل مسؤوليته كبيرة، ولابد من التمسك بمبادئ الحزب لتجاوز مرحلة صعبة، يجب أن تمر بأقل الخسائر .
ولنتذكر أن حزبنا أداة إصلاح يجب أن تظل قوية للاستمرار في معركة الإصلاح الحقيقية.