مما قالته زوجة قاسم أمين في حوار لها مع مجلة روزا اليوسف[1] (ينظر الرابط في الهامش)، أن ما وصل إليه حال المرأة المسلمة اليوم من العري والزينة والسفور أمر يتجاوز الحدود، وأن دعوة زوجها إلى تحرير المرأة لم تكن تروم هذه النتائج الكارتية، وأن قاسم أمين لو قدر له الرجوع إلى الحياة لاستنكر هذا الواقع وما رضيه أبدا.
هذا من جهة؛ ومن جهة أخرى فرغم دعوة قاسم أمين المرأة إلى الكشف عن وجهها وإزالة النقاب إلا أن زوجته ظلت وفية للحجاب والنقاب ولم يكن قادرا على إقناعها بذلك، رغم أنه أحدث هزة عنيفة في أوساط المسلمات بدعوته التي ضمنها كتابيه “تحرير المرأة” و”المرأة الجديدة”.
إن واقع المرأة المسلمة اليوم قد بلغ من الوقاحة على مستوى اللباس -دون الحديث عن أشياء أخرى- مبلغا لا مزيد عليه. وإن كان هذا لم يقنع دعاة الإباحية والانحلال من زمرة بني علمان، ولم يكفهم أن صارت المرأة تسير بالملابس الفاضحة حتى الداخلية منها جنبا إلى جنب مع الناس في الشارع العام، وتخرج بملابس النوم أما بابها وشرفة منزلها….فالواقع أبلغ من الوصف للأسف.
فواقع كهذا يسر كل المتعلمنين -الذي يغنّون طربا ويرقصون نشوة بما يرونه من أحوال صارت عليها المرأة في اللباس وغيره-، لكنه مؤلم بالنسبة لمن لا زالت نفسه تنبض بروح الكرامة، وعروقه تجري بها دماء الرجولة، ونار الغيرة لا زالت متوهجة في قلبه.
لقد بلغ السيل الزبى وتجاوز الأمر كل الحدود، ولم تكن حملة #كن-رجلا- إلا صرخة متأخرة وعلى محدوديتها لكنها كانت مدوية إذ أصابت بني علمان بصدمة وهزتهم هزا حتى تنادوا مصبحين أن اغدوا للعري مناصرين وللحملة مستنكرين.
يأزهم الهلع والرعب من أن تعود هيبة الرجولة إلى النفوس، وتعود النساء إلى الستر والحياء، وحينها يخر عليهم سقف الحداثة، وتنتهي حقبة سيئة للغاية فيما يخص واقع المرأة التي كانت في صلب الاهتمام لدى الاستعمار الذي خلف زمرة من الخونة، والذين أدوا المهمة بنجاح، فكانت التضحيات جسام من خلال المؤتمرات(مكسيكو 1404هـ/1984م) و(نيروبي 1405هـ/1985م) و(ريودي جانيرو 1412هـ/1992م) و(القاهرة 1415هـ/1994م) و(بكين 1416هـ/1995م)، واللقاءات والمنتديات والفعاليات وغيرها، والتي لا تدور إلا في فلك واحد إلا وهو حرية المرأة، هذه الحرية التي لم تكن إلا إباحية متوحشة أحرقت الأخضر واليابس، ليس فيها إلا العري والزنا والإجهاض واللواط والخيانة والتمرد والصراع الزوجي..
إن هيجان معسكر النفاق والشقاق والانحلال ضد حملة متواضعة تدعوا إلى الرجولة والستر والحشمة كفيلة ببيان حجم الرهان على استمرار فساد المرأة وتمردها على شريعة رب العالمين، وهو كفيل ليدلل لكل حامل هم للإصلاح في هذه الأمة أن المرأة هي مفتاح الصلاح والإصلاح، والاهتمام بها ينبغي أن لا يغيب ولو لحظة واحدة في كل المشاريع الدعوية والإصلاحية.
فواقع المرأة اليوم الذي وضع حجره الأساس قاسم أمين منذ سنة 1899م وإن كان محدود النية عنده؛ ربما لسذاجة أو بلادة أو تهور فهو يتحمل فيه كل التبعات إلى قيام الساعة. مع حرص الورثة الأشقياء على هذا المشروع يطرح أسئلة ملحة -وإن كان الأمر قدرا مقدورا- من قبيل:
أين نحن من هذا التدهور؟
أين العلماء والخطباء والوعاظ والمصلحون؟
ما السر في هذه الانتكاسة في أخلاق المرأة ومن خلفها رجال فقدوا مقومات الرجولة؟
أللباطل كل هذه القوة؟؟؟
ألا يستدعى الأمر حملة وحملات لا تتوقف لحظة من الزمن حتى تعود المياه إلى مجاريها، وحتى نرى دعوة بدأها رجل في زمن كانت فيه كل النساء محجبات منقبات، وحققت كل هذا الأثر الرهيب الذي لم يكن يحلم به ولا يدور بخلده، قد هوت وانتكست وسقط علمها وحل محله علم العفة والحشمة والرجولة والغيرة والوقار وهلم جرا.
——————————-
[1] http://www.sabahelkher.com/articles/4324/%D8%B2%D9%88%D8%AC%D9%89-%D9%82%D8%A7%D8%B3%D9%85-%D8%A3%D9%85%D9%8A%D9%86-%D9%84%D9%85-%D9%8A%D8%B7%D8%A8%D9%82-%D8%AF%D8%B9%D9%88%D8%AA%D9%87-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A3%D9%81%D8%B1%D8%A7%D8%AF-%D8%A3%D8%B3%D8%B1%D8%AA%D9%87