لماذا اخترنا الملف؟

كان من الممكن أن تلعب خطبة الجمعة بما لها من تأثير، دورا مهما في تثقيف وتوعية وتوجيه الشعب وخدمة قضايا الأمة، لو تصدى لها العلماء، وترك الصادقون والمخلصون وخلي بينهم وبين الناس، في التوجيه والتعليم والخطابة، دون تدخل أو إملاءات لخدمة مشاريع وأجندات أخرى. والترويج لرؤية أحادية وقراءة خاصة وإلزام الناس بها.
بعد ما سمي بالحرب على الإرهاب، اختار المغرب في إطار سياسة معينة أن ينتهج خطة لإخضاع الشأن الديني، ويجعله خادما للمشروع الحداثي العلماني الذي يدبر أمور السياسة والاقتصاد والتعليم والإعلام.
فمنع الأئمة والخطباء من انتقاد أو حتى إبداء آرائهم بخصوص القضايا الوطنية والدولية، ومشاكل الناس وهمومهم، ومشاريع التغريب والإفساد، كل ذلك لا يعني الخطيب في شيء، ولا يجوز له أن يحوم حوله، ومن اعترض انطرد كما تقول القاعدة الصوفية الشهيرة.
قضية توقيف الأئمة والخطباء، عن مزاولة مهامهم، وطردهم من عملهم، ليست مجرد كلام للردع والقمع والتخويف، بل هي واقع مرير تلظى بناره خطباء وأئمة، اختاروا أن يتحملوا المسؤولية التي حملهم إياها الله تعالى، في التبيين للناس وتحذيرهم من السلوكيات المنحرفة، في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فكان الطرد بحجة مخالفة سياسة البلاد مصيرهم المحتوم، ولأن عدد المطرودين وقصصهم لا يحصرها مقال أو رسالة، فقد اخترنا لكم هذا الملف، لتسليط الضوء من خلاله، على ما يمكن أن نسميه سياسة ممنهجة وظاهرة تستحق الدراسة.
مصطفى الحسناوي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *