(الحرب على العربية والقرآن في المغرب.. الأسباب والتداعيات)

لماذا اخترنا الملف؟

مجددا دعا رئيس «مؤسسة زاكورة» نور الدين عيوش إلى إحلال العامية محل اللغة العربية.
ومن خلال توصيات وجهها إلى الملك ورئيس الحكومة والرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للتعلِيم، والأحزاب السياسية وبعض الجمعيات، دعا عيوش إلى اعتماد الدارجة المغربية في التعليم الأولي، وإلغاء الكتاتيب القرآنية في هذه المرحلة، لأن التعليم -وفق تصوره- ينبغي ألا يبقى دينيا.
وليس غريبا أن تصدر هذه المطالب عن عضو يصنفه المتتبعون ضمن حزب فرنسا في المغرب، والطائفة الفرانكفونية التي يفكر أصحابها بالفرنسية ويعبرون بالفرنسية وأحيانا قد يتحدثون -تواضعا- بالدارجة المغربية.
فما فتئ المنتمون إلى هذا التيار يكررون هذه المطالب ويدعون إلى إقصاء اللغة العربية وإبعادها عن لغة التواصل والخطاب والكتابة؛ باعتبارها -حسب هرائهم- (لغة متجاوزة)؛ و(لغة قريش لا لغة المغاربة)؛ وهي (لا تمثل سوى مظهر من مظاهر الغزو المشرقي للدول المغاربية).
وكم كررت منابر إعلامية ذات توجه علماني متطرف هذه الافتراءات، فليس غريبا على الإطلاق أن تصدر دعوة إلغاء الكتاتيب القرآنية عن أشخاص وهيئات أعلنوا مبكرا موقفهم تجاه القرآن الكريم والسنة المطهرة واللغة العربية والإسلام عموما؛ لكن الغريب فعلا هو السكوت غير المسوغ للمؤسسة الدينية التي أخذت على عاتقها الذود عن حياض الدين وحمايته من كل من تجرأ على المساس به.
إنه سكوت أو تجاهل غير مفهوم ولا مسوغ؛ دفع الكثير من المتدخلين إلى وضع أكثر من علامة استفهام حول هذا الموقف.
فليس خاف على أحد المخطط الذي رسمته دول الاحتلال قبل دخولها المغرب وبعده؛ بالطعن في اللغة العربية باعتبارها لغة القرآن؛ ومحاولة إحلال العامية محلها؛ وإبدال الخط العربي بالخط اللاتيني في الكتابة؛ وهي الدعوة نفسها التي يرفعها فرانكفونيون اليوم في العديد من الدول العربية والإسلامية؛ ولا يخفى ما في هذا الأمر من الخطورة والطعن الصريح في مراجع المسلمين؛ إذ لا تقل خطورة الطعن في العربية عن خطورة الطعن في القرآن والسنة.
وقد لا يكون من قبيل الزهو أو المبالغة أن نقول إن اللغة العربية هي أفضل اللغات؛ فهي اللغة التي نزل بها القرآن الذي هو أفضل الكتب، ولغة الإسلام الذي هو خير الشرائع، ولغة الأمة الإسلامية التي هي خير الأمم، ولغة الحضارة الإسلامية التي هي أعرق الحضارات وأنفعها للبشرية، وهي بعد ذلك لغة خالدة خلود التاريخ؛ وهي باقية بقاء العصور إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها؛ وذلك لأنها محفوظة بحفظ الله تعالى القائل: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}، وهي بعد ذلك لغة توفر لها من العلماء الأجلاء من عرفوا قوتها وبيانها ومرونتها ودقتها على الوفاء بالمعاني؛ ما لا يعرف له نظير في غيرها من اللغات.
ولتسليط الضوء حول هذه القضية؛ وبيان دوافع من يرفع هذه الدعوى وما نتج عنها من تداعيات؛ ارتأينا فتح هذا الملف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *